عبد الرحمن مواطن أردني مرض مرضا شديدا جدا، حتى انه شارف على الهلاك، لجأ للطبيب شأنه شأن أي مريض، وفوجىء بأنه في حالة متقدمة من الإعياء، قالوا له أنه بحاجة إما لشبكة أو عملية قلب مفتوح، وفي هذه الأثناء عليه أن يتناول بعض الأدوية كي يستطيع البقاء على قيد الحياة وممارسة نشاطاته اليومية حتى ولو بالحد الأدنى، سعى عبد الرحمن للحصول على إعفاء من الديوان الملكي العامر، حيث يلجأ جميع الأردنيين، ووجد أن باب الديوان مفتوح للجميع، وحصل على كتاب إعفاء لمدة ستة أشهر، سر عبد الرحمن سرورا كبيرا، وأحس أن الدنيا فتحت له باب الأمل والشفاء، فهو لا يملك ثمن أي من العمليتين، سواء القلب المفتوح أو الشبكات!!

ولكن لدى مراجعته المستشفى الرسمي المختص، فوجىء بما يلي: بعد فحص الحالة أعطي بطاقة مراجعة وقالوا له: سنتصل بك! عاد عبد الرحمن إلى بيته محبطا، انتظر بعض الوقت، ثم ’’دب الصوت’’ فحالته الصحية بدأت تسوء شيئا فشيئا، ولجأ للواسطة كالعادة كي يتحصل على موعد آخر لمراجعة المستشفى، وتم له ما أراد، بعد طلوع الروح، وبعد استنفار من يعرف ومن لا يعرف للحصول على موعد جديد، ولدى مراجعته للمستشفى وبعد مائة بوسة لحية، حصل على موعد لاجراء العملية بعد نحو سبعة أشهر، عاد عبد الرحمن محبطا، سينتهي الاعفاء وسيضطر لتحمل مشاق تدهور حالته الصحية، بعد مرور أيام شارف الرجل على الهلاك، سبعة أشهر تكفي كي يموت بضع مرات، وكان عليه أن يختار بين أن يستسلم لقدره ويموت كما يموت أي فقير في بلادنا لأنه لا يجد فرصة العلاج، أو أن يلجأ لتمويل ميزانية العملية الجراحية عن طريق الاستدانة، وهكذا فعل عبد الرحمن، وعبد الرحمن محظوظ لأنه وجد من يستدين منه مبلغ الستة آلاف دينار، كم مواطنا أردنيا يستطيع أن يدبر هذا المبلغ الضخم جدا؟
بل كم مواطنا مستعدا لاقتطاع هذا المبلغ من جيبه وإنقاذ حياة بني آدم؟ هل على عبد الرحمن أن يموت لأنه لم يستطع تدبير دور في المستشفى الرسمي المختص لانقاذ حياته، ونسأل أيضا: لو كان المريض متنفذا ...

هل سينتظر ستة أشهر للحصول على الدور؟ هل حياة مواطن أغلى من مواطن آخر...لأن هذا مسؤول وهذا حراث؟؟؟ سؤال كبير، لن ننتظر الإجابة عنه، لأن هناك آلاف الأسئلة الأخرى ستبقى بلا أجوبة!! والأهم من ذلك من سيدفع كلفة العملية، وكيف، خاصة وأن مثل تلك العمليات تعرض حياة الانسان للخطر، شافاك الله وعافاك يا عبد الرحمن، فقد خذلتك مرة، حين أكدت لك أن بوسعي تدبير موعد معقول لك لاجراء العملية، وأسأل الله أن لا أخذلك مرة اخرى إذا فشلت في تغطية نفقات العملية على نحو أو آخر!!!