أجبت عن سؤال: لماذا لا يدعم العالم العربي السني سنة لبنان اذا كان هناك صراع صامت سني – شيعي في لبنان والذي طرحه المسؤول الآخر نفسه في احدى الادارات الاميركية نفسها، قلت: لاسباب ثلاثة. اولها، ان العالم العربي السني ورغم الحساسيات مع الشيعة التي تحولت توتراً بفعل الاوضاع السائدة في العراق لا يريد حروباً مذهبية داخل دوله تزعزع استقرارها. وثانيها، لأن الدول الاساسية تعطي الأولوية في سياساتها الاقليمية لمصالحها بل لمصالح الأنظمة الحاكمة فيها. ولأنها تخاف في الوقت نفسه التأثير السلبي لقوى اقليمية عدة على أوضاعها وفي مقدمها ايران وسوريا. وثالثها، ان المسلمين اللبنانيين من سنة وشيعة لا يبدون متحمسين لعودة الحروب من جديد الى لبنان تحت أي غطاء رغم انهم والمسيحيين لم يتعلموا كثيراً من الحروب العسكرية التي عصفت ببلادهم على مدى نيف و15 عاماً ومن الحروب السياسية التي أعقبتها واستمرت بدورها نيفاً و15 عاماً.

انتقلت بعد ذلك الى الموضوع السوري فسألت: ماذا عنه في ضوء المعطيات الراهنة الاقليمية والدولية؟ اجاب: "واضح انه ليست هناك ارادة او قرار باسقاط النظام السوري عند الادارة الاميركية لأن البديل منه سيكون مقلقاً بل مخيفاً والمقصود بذلك "الاخوان المسلمون". لو كانت هناك مجموعة سنية معتدلة في سوريا قادرة على تسلّم الحكم والسلطة لكان الموقف الاميركي تغير ربما. لكن ذلك غير متوافر على الأقل حتى الآن. علماً ان الدعم الكبير الذي بدأت اميركا تقديمه للمعارضة السورية لم يحقق النتائج المطلوبة. وربما لن يحققها في المستقبل المنظور. هذا أمر تدركه اميركا لكنه لا يمنعها من متابعة الدعم ربما لأن ذلك يشكل وسيلة للضغط على سوريا بصرف النظر عن مدى فاعليته. هل سيعيش النظام السوري طويلاً؟ لا أعرف. انه يواجه صعوبات اقتصادية كبيرة وصعوبات داخلية متنوعة فضلاً عن الصعوبات الخارجية. لكنه لايزال قوياً. واستبعد "ذهابه" قريباً. على كل حال هناك رأي عند اللبنانيين ان النظام السوري هو مصدر مشكلاتهم كلها وان ذهابه أي سقوطه هو الحل لهذه المشكلات وان على اميركا العمل لاسقاطه كي يرتاحوا.

وليد جنبلاط يؤمن بهذا الرأي. تحدثت في هذا الأمر معه. وقلت له ان ذلك ليس صحيحاً. لم يقتنع. ان مصلحة النظام السوري تتمثل بان يبقى لبنان في وضعه الحالي أي في "الستاتوكو" الحالي. أي لا حلول ولا استقرار. ويمكن ان يؤدي ذلك مع الوقت واذا توافرت ظروف ملائمة الى عودة لبنان الى الفلك السوري. اذا توحد اللبنانيون او غالبيتهم كما حصل في 14 آذار 2005 او اذا تضمن تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري المتوقع صدوره في حزيران المقبل او حتى في موعد يلي ذلك، ادانة او اشتباهاً قوياً بدور سوريا في هذا الاغتيال تصير اميركا اقدر على الضغط عليها بل على تصعيد هذا الضغط ولا يعود في وسع النظام الحاكم فيها اللعب في لبنان وبه. انه يلعب فيه وبه الآن ويستمتع بذلك". تناول المسؤول الاميركي الآخر نفسه المملكة العربية السعودية ودورها في لبنان قال: "ان السعودية لا تشعر بالهلع ولا تخاف على استقرارها رغم كل الحوادث التي وقعت فيها والاوضاع المحيطة بها وكلها صعبة او خطرة او متفجرة. ان الدول غير المستقرة لا تستطيع تصدير عدم الاستقرار الى دول أخرى وخصوصاً المستقرة. ان العالم العربي وخصوصاً مصر والمملكة العربية السعودية مع بقاء النظام السوري حاكماً لأن البديل سيكون "الاخوان المسلمون" ولا أحد في هذا العالم العربي وخصوصاً الدولتين المذكورتين يريد "الاخوان" حكاماً لسوريا لأن ذلك يشكّل خطراً على كل الانظمة فيه".

ماذا قال عن لبنان وسوريا ايضاً مسؤول اميركي رفيع في ادارة مهمة اخرى داخل الادارة الاميركية؟

سأل اولاً عن "حزب الله" ومواقفه وسلاحه. اجبته بالاشارة الى وجود مناقشة ايجابية داخلية عنده حول لبنانية الحزب والطائفة التي ينتمي اليها وضرورة ابراز هذه اللبنانية. وبالاشارة ايضاً الى ان الشيعة لبنانيون ولهم مثل غيرهم وربما أكثر بعض الشيء مصلحة في كيان لبناني مستقل. ولفت الى ان ذلك لا يعني في اي صورة من الصور امكان حصول انقسام او صدام داخل الحزب حول هذا الموضوع. طبعاً أشرت الى ان ارتباطهم بايران قوي ايديولوجياً و"مساعداتياً" وبسوريا "حمايتياً" اذا جاز التعبير. والخروج من هذا الارتباط ليس بالسهولة التي يتصورها كثيرون. "كيف يمكن التأثير على حزب الله": سأل. أجبت: يمكن ذلك بأمرين.

الأول، الضغط على سوريا أو "اقناعها" بأن لا دور اساسياً لها في لبنان ولا سيطرة عليه. ويبدو انها لم تقتنع بعد بذلك نظراً الى استمرار تاثيرها وربما تدخلها في الشأن اللبناني مباشرة وعبر الحلفاء. وما ساعدها على ذلك بعد اشهر من الانكفاء وربما من الخوف تطورات داخلية عدة صار معظمها معروفاً فضلاً عن عدم جلاء التحقيق باغتيال الرئيس الحريري حتى الآن. اما الأمر الثاني، فهو الضغط على ايران او التفاهم معها. سأل ثانياً عن المسيحيين وخصوصاً عن البطريرك الماروني نصر الله صفير وعن الذين بدلوا تحالفاتهم فصاروا مع "حزب الله" وتالياً اقرب الى سوريا. وجرت مناقشة حول صفير وصدقه وجديته وعناده وعدم تحبيذه وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ولابقاء العماد اميل لحود فيها وفي الوقت نفسه رفضه أي تسوية تكون على حساب هذه الرئاسة. وتضمنت المناقشة أيضاً شرحاً لظروف عون وسياسته وسبب انتقاله من موقع الى آخر. وتساءل عن "احتمال ان يكون لطموحه الرئاسي دور اساسي في هذا الانتقال الذي قد يتكرر في حال تغيرت المواقف السلبية منه للبعض". علّق المسؤول الرفيع: "يعني ذلك ان هناك طريق مسدودة (Deadlock). الدولة مشلولة. الرئاسة مشلولة. الحكومة مشلولة". وسأل: "هل يمكن ان يعود عدم الاستقرار والاغتيالات والتفجيرات الى لبنان؟ وهل يمكن ان تبدأ موجة استعمال السيارات المفخخة؟".

ماذا قال هذا المسؤول الاميركي الرفيع عن سوريا ولبنان ايضاً؟