نجيب نصير

جمل طنانة سابحة في الملكوت من قبيل: (إما ثقافة اليوم فهي ثقافة استهلاكية جديدة غايتها مزج الثقافات وإلغاء الهوية الثقافية لأي شعب من الشعوب ولاسيما الشعوب العربية ) !!! أو ( من يتابع اليوم بعض " انتبه بعض وليس كل " الفضائيات العربية التي تبث سمومها يدرك أننا نخترق " بفتح التاء "كل ساعة وكل لحظة عبر برامج ومسلسلات تحقن من خلالها الجيل الجديد " الجيل الجديد فقط " و تقودهم إلى اتجاهات فكرية لا علاقة لمجتمعاتنا العربية بها ما يمكن ان نطلق عليه ثقافة الاختراق ) أو

( بينما ينتج الآخر الثقافة ويصدر لنا الفتات من الثقافة الاستهلاكية المسلفنة بألوان براقة وجذابة ولكنها فارغة وخاوية ) !!!!! الخ الخ … يمكننا سرد مئات الآلاف من هذه الجمل ولا نغير من الواقع شيئا … فالثقافة شأن حياتي ممارساتي يرتقي دوما ويتمدد أفقيا وعموديا دون استئذان أو ممانعة باختراق أو دونه، والخاسر ليس المتلقي المخترق، الخاسر هو الذي لا يتلقى أو يقتصر في التلقي أو ينتقي ما يناسبه على أسس شعاراتية تتردد كلماتها داخل القوقعة التي يعيش متلمظا بالاستبداد الثقافي والاقتصادي والحقوقي، لذلك فسوء التلقي هو احد منتجات سوء التلقي الذي سبقه، إما سوء البث أو الاختراق فبهكذا اكتشافات لا يمكن لنا أن نكون.. فقط أن نكون …!!

حتى لو اتكأنا على ما يسمى أصالة الشعب أو حسه العميق بالتفرد والخصوصية، ان هكذا نوع من الخصوصية تشبه خصوصية الحلزون الراضي بقوقعته منزلا ومكانة وسرعة ومخبأ وخوفا واحتياطا وأمنا والتي تحميه من حلزون آخر أو ربما من فأر ولكن ليس ذنب الذئب إذا عثر عليه وقضمه، وليحتج ما شاء من الاحتجاج وليتهم الذئب بالفساد الأخلاقي وبعدم احترام الخصوصية وأن ارتقاؤه الدارويني ليس عادلا … ومع هذا ليس المثال دقيقا على الثقافة مهما كانت معاكسة لقناعاتنا وخصوصياتنا الا من ناحية الموقع الذي وضعنا نفسنا فيه، فالتقوقع ما هو الا فاتورة علينا تسديدها إلى الحياة طال الزمن أم قصر …أو وهو حل مريح لنا ومناسب لشعاراتنا …. إلغاء كافة وسائل الاتصال وإجبار الآخر على العودة إلى التراسل بالدخان الأبيض والدخان الأسود … علينا أن نفاخر بأننا استطعنا تنقيط لغتنا العربية … التي ولحد الآن لا ندري هل نحن من أنتجها أم هي التي انتجتنا !! سؤال برسم التحصيل ….