ملفات

عندما نشعر بالقلق لآليات الحدث السياسي في لبنان، فهذا يعني أننا نشعر بالاستياء لعدم وجود خيارات إضافية، ولأن الشارع اللبناني، وربما السوري، يهوى حشر نفسه داخل الثقافة المأزومة والمعبرة عن ثنائيات رافقتنا لأكثر من 1400 عام .. الجنة والنار .. الشيطان والملائكة و .. الموالاة والمعارضة .. وفي سورية "الديمقراطية" و "السلطة".

عملية "الحشر" للخيارات ربما ليست جديدة، فأحيانا لا نجد سوى طرق واضحة في زمن نعجز فيه عن الابتكار والإبداع، وأحيانا اخرى يكون الحدث السياسي هو المسؤول الأول عن خلق خيارين على النسق الأمريكي: محور الشر في مواجهة "الجمال" الديمقراطي.
من منا لا يحلم بالديمقراطية والمواطنة التي اختبرها معظمنا عندما واجه المجتمعات الأوروبية، ومن منا لا يتمنى أن يعبر عن رأيه وان يشارك بصناعة الحدث .. لكن الصورة الشاعرية للديمقراطية والمواطنة لا علاقة لها باحتفالات توقيع الكتب داخل صالات الفنون، ولا بخطب يلقيها مندوبو الاتحاد الأوروبي .. المواطنة كما ظهرت في فرنسا صنعها الفقراء والبسطاء ومن أصبحوا لاحقا نخبا ثقافية.
ربما علينا أن نعيد تشكيل هذا المفهوم من جديد، فلا يمكن ان نكون ضد الديمقراطية أو ضد لبنان أو ضد أوروبا ..

فنظرية "معاداة السامية" كنموذج لا تنطبق على أي واقع ثقافي، لكن وجودنا داخل فكر مأزوم هو الذي يدفع أحيانا للتركيز على موضوع دون غيره. وهو الذي يجرنا للحديث عن "واقعية" ديمقراطية بعيدة عن الكتب الأنيقة التي تتحدث عن "دليل المواطنة".. بينما يصعب على الشارع الحضور إلى لمعرض لاقتناء هذا الدليل .....