أحسست بالكثير من الخجل الانساني وانا اتصفح كلاما للسفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان يصف فيه الوجود السوري السابق في لبنان بـ(الاستعمار).. وبقدر ماكان غلطة محسوبة الا انه لم يأت من عنديات السفير المذكور لان كلامه كان مكتوبا

وهو ما يؤكد التعبير بانه مقصود ومكلف من قبل ادارته بهذا القول الذي يفتح الباب امام تداوله من قبل فئة يرعاها ذلك السفير ويرسم لها خطواتها في كل مرحلة من مراحل الازمة الناشبة في لبنان.

في مرات سبقت قرأت لعدد من السياسيين اللبنانيين طلبات الى وزارة الخارجية اللبنانية بمنع ذلك السفير من ابداء آرائه وتوقيفه عن التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وذهب البعض الى الطلب بطرده من لبنان نظرا للمخاطر التي تحملها تصرفاته وكلماته وتدخلاته وعناوين عبوره بين المساحات السياسية اللبنانية.

منذ ان نشبت الحرب اللبنانية في العام 1975 اعلنت سوريا وقوفها الى جانب التهدئة وضرورة التوقف عن القتال.. كما اعلنت مرارا وتكرارا انها ضد تقسيم لبنان وضد تفتيته وطالبت منذ ذلك الحين القوى اللبنانية المتصارعة ان تتوقف عن العنف وان تذهب الى طاولة الحوار وان تتفق فيما بينها، لكن لبنان الذي تحول الى ملعب للآخرين كان قد مشى في ازمة مستفحلة صعبة الحلول وتنذر بعواقب وخيمة على هذا البلد الصغير.

وحين استفحلت الازمة اللبنانية كان لابد من تدخل سوري يضع حدا للمآسي التي خلفتها تلك الحرب وما زالت، وهكذا حصل اجتماع لجامعة الدول العربية تم فيه الاتفاق على تأليف قوات ردع عربية تقوم بمهام حفظ الامن واعادته الى لبنان، وكانت سوريا هي الاساس في تلك القوات التي تمكنت من فرض هدوء شامل فوق الاراضي اللبناني سرعان ماانهار بعد ذهاب الرئيس المصري انور السادات الى القدس المحتلة نتيجة التغيير الاستراتيجي الذي احدثه في منطقة الشرق الاوسط وفي طبيعة الصراع العربي الاسرائيلي وافرازات ذلك على الساحة اللبنانية.

وبعد رحيل القوات العربية الاخرى من لبنان تحملت القوات السورية مسؤولية الوضع الامني ومن ثم السياسي وتمكنت سوريا رغم مصاعب الدور الذي تحملته منفردة ان تعمل جاهدة على وقف تنفيذ الافكار التي طرحت من قبل سياسيين لبنانيين عملوا جاهدين على تقسيم لبنان ثم اندفعت تدافع عن وحدته وقدمت في سبيل ذلك شهداء سواء في الداخل اللبناني او حتى عندما اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982.

ورغم المصاعب التي واجهتها القوات السورية كان تأكيدها الثابت ان لاتقسيم للبنان ولا تشرذم وان لبنان يجب ان يعود الى عافيته. ومنذ ان تحقق الاجماع اللبناني في الطائف على اعادة ترتيب الحياة اللبنانية جهد السوريون الى اتباع سياسة الوفاق مع الجميع لما فيها مصلحة للبنان الموحد فكان ان عززوا اعادة توحيد الجيش اللبناني الذي تبعثر بفعل الحرب الداخلية كما اعادوا بناء المؤسسات التي دمرت وقاموا بتوظيف قوتهم الفاعلة لمساعدة المقاومة اللبنانية في الجنوب.

ان جميع هذه العوامل وغيرها جاءت خدمة للبنان الواحد الذي يعيش اليوم معافى بفضل القوات السورية وبفضل المجهود السوري والشهداء السوريين من الجيش وبقية القوى الاخرى. فهل يصح اطلاق تهمة السفير الاميركي الذي نسي ان بلاده تحتل العراق وتصنع فيه حربا اهلية بعدما الغت جميع مؤسساته الامنية وعلى رأسها الجيش وبقية المؤسسات الاخرى وسرقت ونهبت المال والآثار وما زال وجودها يهدد الكيان العراقي بالتمزق وهي تسعى في كل يوم الى تدمير البنى التي قام عليها العراق.

الوجود السوري في لبنان كان اخويا وبطلب من العرب وبقية العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة التي اجتاحت العراق واحتلته رغم انف العالم ورفضه.