اعتبر دان شيفتان نائب رئيس مركز دراسات الامن القومي في جامعة حيفا ان اهم انجاز حققته اسرائيل العام الماضي هو "استقلالها عن الفلسطينيين"، واجرى جردة حساب لمناسبة ذكرى قيام اسرائيل ننقل اهم ما جاء فيها: "في يوم الاستقلال اعتدنا اجراء جردة حساب وطنية للعام الماضي. ولكن ينبغي الا نترك للتفاهات الائتلافية في الاسابيع الماضية ان تضيع اهم انجاز تحقق في العام المنصرم، عام استقلال اسرائيل عن الفلسطينيين. ظاهريا، الفلسطينيون هم الذين يحتاجون الى الاستقلال عنا، ولكن عمليا جدول الاعمال في اسرائيل واقع منذ عقد تحت الاحتلال الفلسطيني، احتلال هو من صنع اسرائيل التي فرضته على نفسها حين رهنت جدول اعماله الوطني بوهم السلام. وفي التسعينات وصل هذا الاحتلال الى ذروته: فخداع النفس الذي جرى تركيبه بأوسلو ربط كل قضية مهمة بالاتفاق مع الفلسطينيين، مما استنفد الجزء الاكبر من الطاقة الوطنية.

بعد كمب ديفيد وطابا والحرب التي شنها الفلسطينيون في ايلول 2000، ادرك تيار اساسي من الجمهور الاسرائيلي اخيرا ان الشعب الفلسطيني ليس شريكا في التسوية التاريخية ومن المهم ان نشدد على ان القيادة الفلسطينية ليست وحدها التي خيبت الامل، وانما المجتمع الفلسطيني الذي لا يعترف في الاصل بالدولة القومية لليهود ويحمل نظرة معادية للسامية وللأمة اليهودية، ويساعد الارهاب الوحشي ضد المدنيين. فالمشكلة الاساسية ليست المفتي ولا عرفات ولا "حماس" وانما الشعب.

وعندما كانت اسرائيل تنتظر نتائج المسرحية الفلسطينية المضحكة للسلام من اجل تحديد حدودها وبلورة صورتها، كانت تضع جدول اعمالها طوعا تحت الاحتلال. وعندما قررت الاخذ بزمام الامور وحسم كل هذه الامور في صورة احادية، استطاعت استرجاع استقلالها. وعندما ادرك التيار الاساسي في اسرائيل ان الفلسطينيين لا يسعون نحو تسوية تاريخية وانما نحو العدل التاريخي الذي ينقض شرعية دولة الشعب اليهودي، بات في الامكان اعادة تنظيم جدول الاعمال الوطني. لقد ظهرت بوادر العافية السياسية في التغييرات الايجابية ضمن التركيبة السياسية التي تبدو اكثر تمثيلا لأولويات مواطني الدولة بعد سنين من الفوضى المؤذية والخطرة (...) ان الخطوات الاحادية الجانب لا تشير فقط الى استقلالنا عن الفلسطينيين وانما عن كل الصناعة الاوروبية للسلام. لقد حاول الاوروبيون ان يبنوا لأنفسهم دورا واهمية في الساحة الدولية، والعديد منهم حاول القيام بذلك على حساب اسرائيل... المسارات الاحادية الجانب تجعل اسرائيل مرتبطة بشريك واحد مخلص وموثوق به في واشنطن، وسوف تضع الاوروبيين امام الامر الواقع. هناك تحد مزدوج ينتظر اسرائيل في الاعوام المقبلة: حسم موضوع الخطوات الاحادية بطريقة لا تقسم الجمهور الاسرائيلي، وتبني جدول اعمال وطني ومسؤول وبعيد المدى من اجل الجمهور. في يوم الاستقلال المقبل، سنُحاكم كلنا على مدى نجاحنا في استغلال الفرصة المتاحة امامنا بمسؤولية وباتزان ولأمد بعيد".