ما الذي ستفعله «أوبك» إذا أرادت أن تبقى الولايات المتحدة مدمنة على النفط؟ هذا سهل، فيكفيها أن تحث الكونغرس كي يتعامل مع الأسعار المتصاعدة بشكل صارخ للغازولين من خلال تبني الاقتراح الجمهوري الذي يقضي بمنح كل سائق أميركي 100 دولار وهذا ما سيمكنهم من الاستمرار بشراء الغازولين بالسعر الحالي الذي هو 3.50 دولار للغالون الواحد أو بتبني المقترح الديمقراطي القاضي بإسقاط ضريبة الغازولين التي تبلغ 18.4 سنت للغالون الواحدة ولمدة ستة أشهر. وفي كلتا الحالتين تكون «أوبك» رابحة.

يمكن القول إن ما يقترحه الكونغرس هو بالضبط ما يريده أسوأ أعدائنا أن نفعله. أن نقوم بتقديم تعويضات عن إدماننا للغازولين وهذا ما يبقينا مدمنين وهم سيبقون متخمين بالدولارات.

مع كونغرس كهذا من يحتاج إلى القاعدة؟

هذا الرد يثير الاضطراب حقا. وأسوأ ما بينهما هو اقتراح الجمهوريين لأنهم يتحكمون بكل مفاصل السلطة ويستطيعون أن يحركوا البلد إن هم اقترحوا سياسة طاقة جادة لكنهم لم يفعلوا.

قال ديفيد روثكوبف مؤلف «إدارة العالم» وهو كتاب حول تاريخ السياسة الخارجية الأميركية «نحن كنا نقول إن النظام مفلس بسبب أن ردوده لا تأتي إلا عند وقوع الأزمة، لان النظام لا يستطيع أن يرد على الأزمات».

إذن ما العمل؟ أنا آمل بطرف ثالث. فالوضع مناسب لهذا: تواجه أميركا تحديا هو بحجم تحدي الحرب الباردة، والمتمثل بالكيفية التي يجب اتباعها كي نلبي احتياجاتنا الطويلة الأمد بأسعار معقولة بينما يتم تقليل اعتمادنا على النفط وعلى الحكومات السيئة التي تصدره. فمع وجود فراغ في القيادة بما يخص قضية مهمة كالنفط، ومع وجود الانترنت الذي أثبت أنه منتدى بديل لتنظيم حملة سياسية خارج المؤسسة الحاكمة في واشنطن، يمكنكم أن تشكلوا حزبا ثالثا محترما.

لن أدعوه «الحزب الأخضر» لأن هذا الاسم يشير إلى أجندة تنظيم ضيق جدا وليبرالي. بل ادعوه شيئا من قبيل «حزب التجديد الأميركي» وبالنسبة له تكون قضية الطاقة أساسية لإعادة تجديد القوة والثروة الأميركيتين لا الحفاظ عليهما.

والطاقة هي حقا مفتاح التجديد الأميركي ابتداء من تحفيز شباب أكثر إلى دراسة الرياضيات والعلوم لتخفيض العجز التجاري عن طريق تخفيض الاعتماد على النفط المستورد ولتقليل العجز المالي عن طريق رفع الضرائب المفروضة على الغازولين ولتحسين روحية المنافسة الأميركية عن طريق جعلنا روادا في مجال التكنولوجيا النظيفة، لاسترجاع الاحترام على المستوى العالمي للولايات المتحدة عن طريق قيادة الصراع ضد التحولات في البيئة، ومن أجل تعزيز الديمقراطية عن طريق العثور على بدائل عن النفط، وهذا سيؤدي إلى إضعاف بعض أسوأ الأنظمة في العالم التي تستخدم مداخيلها الضخمة من النفط لعرقلة انتشار الحرية. وقال ميكاه سيفري مؤلف كتاب «التوق إلى صراع : سياسات الحزب الثالث في أميركا» إن «هناك فرصة لشخص ما كي يستثمرها» وهذا الشخص يجب أن يكون أكثر اتزانا ونشاطا من شخص مماثل لروس بيرو.

وأضاف سيفري «إذا كانت القضية الأساسية خلال عامي 1991 و1992 هي عجز الميزانية الضخم الذي تعاملنا معه فإن قضية اليوم هي أننا لا نتعامل مع الطاقة والكارثة البيئية التي تنتظر الجيل القادم. إنها قضية العجز هي بنفس أهمية رهن مستقبل أطفالنا بقرض عقاري ضخم، وهي بحاجة إلى الزعيم المناسب».

يمكن القول إن الطريقة الوحيدة التي ستمكن الأميركيين من التمتع بالغازولين الرخيص هو رفع سعره الآن بفرض ضريبة عليه وتثبيته على ذلك المستوى لعدة سنوات، وهذا ما يجعل المستثمرين يوقنون أن السعر لن ينخفض لذلك فإن من باب المنطق بالنسبة لهم هو يقوموا باستثمارات طويلة الأمد في مجال المصادر البديلة المتجددة للطاقة، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يمكنن كسر إدماننا على النفط ويخفض سعره لاحقا.

اتفق أن نظامنا السياسي يعمل ضد وجود أحزاب أخرى. مع ذلك فإن حدسي يقول بوجود بعض السياسيين الذين سيظهرون قريبا ويكونون مختلفين عما هو سائد الآن، وهؤلاء سيخبرون الأميركيين بالحقيقة. وقد يكون المرشح المناسب للرسالة المناسبة حول الطاقة قادرا على قيادة حافلة وسط المشهد السياسي الحالي وبذلك هو يخسر أقصى اليسار واليمين ومع ذلك قد يكون قادرا على الفوز بانتخابات تتنافس فيها ثلاثة أحزاب.