لا ندري ما اذا كانت تنفع بعد دعوة الرئيس محمود عباس رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لمعاودة مفاوضات السلام بموجب خريطة الطريق "فورا" ام أن ما كتب قد كتب.

ما لنا وللخريطة التي لم تلتزمها اسرائيل من أيام أرييل شارون الى ان أكمل اولمرت مسيرته بعد الجلطة التي اصابته الى انتخاب أولمرت وتأليفه حكومة على برنامج هو خطة جاهزة للتنفيذ فيها انبعاث مخلص لروح البولدوزر الهالك في غيبوبته.

المسألة كما يطرحها أولمرت اليوم لا تحتاج الى أية مفاوضات جدية.

خطته واضحة: رسم للحدود النهائية لاسرائيل بحلول 2010. وفي التفاصيل، يبدأ في غضون سنتين تنفيذ ما يسمى خطة التجميع. اي اخلاء المستوطنات المصنفة "معزولة" في الضفة الغربية وتضم 60 الف مستوطن وضم هؤلاء الى الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة من طريق توسيعها وهي "أرييل" في وسط الضفة و"معالي أدوميم" على مشارف القدس و"غوش عتصيون" جنوب القدس. وهكذا تستكمل الخطة بضم هذه الكتل مع القدس الشرقية وغور الاردن الى اسرائيل. فترتسم حدودها النهائية بجدار الفصل.

اذاً الخطة جاهزة وكل ما يحتاج اليه اولمرت هو التأكد من حجم الدعم الاميركي. وهذا ما سيفعله عندما يزور واشنطن في 23 ايار لكنه مطمئن الى دعم الرئيس جورج بوش الى حد انه يصر على بدء تنفيذ خطة التجميع قبل انتهاء ولايته مطلع 2009.

لكن اضفاء "شرعية دولية" على هذه الخطة كما حصل مع خطة الفصل من غزة تتطلب اخراجا جهّزه أولمرت: يريد إعطاء السلطة الفلسطينية مهلة ويريد ان يتفق مع بوش على ان تكون مهلة قصيرة كي تقبل بالشروط الاسرائيلية و"تلتزم خريطة الطريق وتحارب الارهاب وتنزع السلاح" وبعدها تبدأ المفاوضات او يبدأ هو بفرض حلوله الاحادية.

لكن أي سلطة يتحدث عنها اولمرت ما دام يعلن في الوقت نفسه ان "حكومة فلسطينية حماسوية لن تكون شريكا في مفاوضات ولن يجري اي نوع من الاتصالات اليومية معها". فعلى مَ الرهان اذاً؟

الوضع الفلسطيني الخارجي والداخلي يبدو مثالياً لاولمرت. ففي ظل الحصار الراهن للفلسطينيين والموقف الغربي من "حماس" والوضع الاميركي في العراق، يبدو قادراً على كسب أي مطلب من بوش ان بدعم الخطة او المهلة القصيرة للفلسطينيين. والاهم انه كلما استمرت الخلافات الفلسطينية الداخلية - وليس ثمة ما يوحي بانها ستتوقف - كبرت آفاق العنف والفوضى التي يحذر منها عبّاس وشكلت الذريعة المثلى لاسرائيل لفرض حلولها.

هذا هو الرهان الاسرائيلي وكل حديث عن مفاوضات في الوضع الراهن هو من باب تسعير الخلافات الفلسطينية والتعجيل في الفوضى. ويبقى على الفلسطينيين رغم حجم الصعوبات والتعقيدات التي يواجهون ان يتنبهوا الى ما قد يساهمون هم أنفسهم في انزلاقهم اليه.