التجربة الحقيقية التي يمكن أن نخوضها ربما تكون خارج مساحات الحقيقة، لأن الحديث عن "العمل" الاستخياراتي ومافيات المال ليست جديدة، وهي واقع قائم رغم عدم الإيمان بأن نظرية المؤامرة هي الصيغة التي تحكم العالم، لكن "الروايات" حول هذا الموضوع لم تبدأ معنا لكنها ظهرت داخل أروقة الشركات العملاقة التي فرضت دائما "مساحة" ضبابية داخل أي حدث، وأنتجت أدبا كاملا حول آلياتها.

"كولبيل" يقول أن المسألة أكثر تعقيدا من التفكير بها وكأنها حدث على سطح، كما أن الآليات السياسية هي التي ترسمها على شاكلة المؤامرة .. ولكن أليست الروايات التي تراشقت أثناء عمل ميليس هي من صنف المؤامرة. والفارق أن روايات ميليس فاضحة في طريقة رسمها للمؤامرة، بينما ما يطرحه كولبيل متراكب ومعقد ويحتاج لربط الوثائق. والمهم هو التعامل مع كل الحدث من منهج تفكيرنا بالدرجة الأولى، وربما تشكيل حافز جديد أمام ما يردنا كي نعيد النظر برؤيتنا لأنفسنا.

وإذا كانت محاضرة كوليبل اليوم تعبر عن وجهة نظر لا تجد لنفسها مساحة إعلامية كبيرة في الغرب، حسب تصريح الكاتب، لكنها في نفس الوقت لم تخلق هجوما مضادا على شاكلة الهجوم الذي يشنه البعض في منطقتنا على المحاولة. فالمسألة على ما يبدو ينظر إليها كرأي بينما نراها موقفا حادا "يهدد" الصورة النمطية التي نرسمها حولنا.

الكاتب بشفافية واضحة يقول أن الموضوع هو لا يتعدى إضاءة تحتاج لمتابعة لكنها ضرورية، ويقول أيضا أن ميليس هو من حصل على الأوسمة، بينما تم تجاهل كتابه رغم أن كل الصحفيين والصحف طلبته بعد صدوره مباشرة. فصوت "كوليبل" ليس مخنوقا لكنه يأتي ضمن الزمن السياسي المعاكس. وحتى زيارته إلى دمشق هي وفق شكل معاكس لما توقعه المنظمون، لأن الضوء سلط على الآخرين وليس على الكاتب أو الناشر.

الشكل الوحيد ... وربنا الأخير هو أننا متفائلون لاستضافة يورجن ... ليس من منطق الحماس لوجهة نظره، بل أيضا التعامل مع البادرة التي تأتي كشمعة داخل الزمن السياسي الذي يحمل "لونا" ديمقراطيا" واحدا من واشنطن باتجاه العراق.