لا فضل لي في كتابة هذا المقال، فمعظمه اقتباس. (أسامة)

"مع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الغزال مدركًا أن عليه أن يسابق أسرع الأسود عدوًا وإلا كان مصيره الهلاك. ومع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الأسد مدركًا أن عليه أن يعدو أسرع من أبطأ غزال وإلا أهلكه الجوع. لا يهم إن كنت أسدًا أو غزالاً فمع إشراقة كل صباح يتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح." من كتاب "رؤيتي" لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

سألت صديقي: "هل قرأت كتاب الشيخ محمد "رؤيتي"؟ رماني بنظرة مشفقة كمن يرى شخصًا أخذ عطلة من قواه العقلية. " منذ متى تعرفني أقرأ كتابًا يكتبه أو يستكتبه حاكم عربي؟" سألني بمرارة ساخرة. لكنه حين رآني جادًا بادرني بسؤال من عنده: "لماذا؟ وهل قرأته أنت؟" أجبته: "نعم، لقد قرأته، وأعتقد أنه لو لم يكن كاتبه حاكم إمارة دبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء فيها ووزير الدفاع، لَمُنِعَ في أكثر من بلد عربي." "إنك تمزح"، قال صديقي. "ولماذا"؟

قلت: "في شكل عام، يمكن تصنيف الكتاب تحت نوع الأدب التحفيزيLiterature, Motivational، بل ربما يقول نفرٌ بأن بعض ما ورد في الكتاب ليس جديدًا لمن قرأ كتابًا أو حضر مادة تدريبية في التحفيز البشري. ولكن التحفيز والتميز والريادة، على الرغم من كونها من المكونات الأساس للكتاب، إلاََ أنها ليست ما استوقفني بل عبارات ومقاطع مثل هذه":

"تجربتنا في الإمارات علمتنا أن الفرق أحيانًا بين حكومة ناجحة وأخرى فاشلة هو عدد العراقيل التي تزيلها من طريق مواطنيها أو تضعها أمامهم. معظم هذا الوطن العربي عراقيل في عراقيل: عراقيل أمام الطالب، عراقيل أمام رجل الأعمال، عراقيل أمام التاجر، عراقيل أمام المستثمر، عراقيل أمام المبدع، عراقيل أمام المرأة. وهكذا. معظم هذا الوطن العربي اختناقات في اختناقات: اختناقات في الدوائر، اختناقات في المطارات، اختناقات في انجاز المعاملات، وهكذا حتى يكاد المرء يحسب أن عمل الحكومات ليس فك الاختناقات ... بل إغلاق كل باب مفتوح وإسدال الستارة على كل طاقة تنفذ منها شمس الفاعلية التي تقتل الروتين... هل المواطن في خدمة الموظف أم أن الموظف في خدمة المواطن؟"

"عندما يعود المغترب إلى وطنه لقضاء إجازة مع أهله فإنه لا يخترق المطار إلا وهو يطحن أسنانه ندمًا لأنه فكر في المجيء. الطوابير بلا نهاية والانتظار بالساعة والاثنتين والحر شديد وهذا ينظر إليه بريبة كأنه متهم، والآخر يطرح أسئلة لا مبرر لها بينما المغترب يحاول أن ينظر يمينًا وشمالاً ليهرب بخجله بعيدًا عن عيون أولاده وزوجته. إذا كانت البوابة هكذا فكيف البيت؟ لا أحد يهتم ولا أحد يبتسم ولا أحد يساعد ولا أحد يقول: أهلاً بكم."

"الإنسان فعلاً أغلى ما تملكه الأمم والشعوب. إنه أهم عناصر التقدم لأية أمة أو دولة... كيف يمكن أن يكون الفرد مبدعًا إذا كان جائعًا أو خائفًا أو مُحبطًا... يجب على الإنسان ألا يتطلع إلى الألقاب والمناصب بل إلى الإنجازات...مستوى الرواتب يجب أن يرتبط بمستوى الإنتاجية، ومستوى الإنجاز هو الذي يحدد مستوى التشجيع المادي، فالترقيات يمكن أن تكون عادية لكنها يمكن أن تكون استثنائية بل غاية في الاستثنائية."

"أنا أحب الحظ، مثل كل البشر، لكني لا أؤمن به ولن انتظر مجيئه."

"...لكننا نعتبر أنفسنا أمناء على مصالح الناس وعلى خير البلد. وبما أن خير البلد هو خير الناس لا بد أن نفكر كأمناء في زيادة هذا الخير وتحسين معيشة الشعب وهذا يقتضي توخي أقصى درجات الحذر."

"هذه صفة أخرى من صفات الامتياز. إنها احترام أديان الآخرين ومعتقداتهم لكي يحترم الآخرون ديننا ومعتقداتنا لكن الاحترام ليس عطية بل اكتسابًا. كيف نقنع الآخرين بسماحة الإسلام وبعضنا لا يعرف السماحة؟ كيف نقنعهم بعدالة الإسلام ونحن نمارس الظلم؟ كيف نقنعهم بأنه دين حق ونحن نتعامل بالباطل؟ الله يقول (لا إكراه في الدين) فبأي حق نريد أن نقسر الآخرين على ديننا؟ "

وختمت قراءتي لصديقي بهذه العبارات عن القيادة:
"... وهذا يبرز الفارق الكبير بين قيادة تعتبر شعبها ثروة الوطن والحقيقية وبين قيادة أخرى تعتبر شعبها العبء الحقيقي. إنه يبرز اختلافًا كبيرًا بين قيادة تحب شعبها وشعب يحب قيادته، وبين قيادة تخاف شعبها وشعب يخاف قيادته."

"إن هناك قائدًا يدمر وطنه ويشد شعبه إلى الحضيض، وقائدًا يعمر وطنه ويرفع شعبه إلى الأعلى. قادتنا يمشون في الشوارع بلا سيارات مصفحة ومواكب ودراجات نارية بالعشرات. إنهم لا يخشون الشعب لأنهم من الشعب... المرجعية النهائية للقائد هي شعبه لذا يجب أن تصب كل قراراته ورؤاه في خدمة المجتمع، وعندما يقدم هذا الاعتبار على كل ما تبقى فإنه سائر لا محالة في طريق النجاح."

"ماذا سيحدث للرؤية إذا غاب صاحب الرؤية؟ لا شيء. رؤيتي لدبي أصبحت رؤية دبي لنفسها لذا ستسمر لأن دبي ستستمر."

جلس صديقي، ابن بر الشام، ساهمًا صامتًا، وصمتّ أنا أيضُا. فالصمت في بعض الأحيان أبلغ.