الحضور السعودي على الساحة العربية بات من الممكن أن يطلق عليه وصف «الحضور الطاغي»، فوسائل الإعلام الرئيسية سواء أكانت المشاهدة أم المقروءة أم حتى المسموعة، جميعها تؤول ملكيتها لرؤوس أموال سعودية، ومعظم المواضيع الرئيسية التي يتم تناولها في هذه الوسائل غالبا ما تكون سعودية. ولم يقتصر الأمر على الجانب الإعلامي البحت حيث تتصدر الروايات السعودية مثل «ريح الجنة» لتركي الحمد و«بنات الرياض» لرجاء الصانع و«ستر» لرجاء عالم و«ملامح» لزينب حنفي و«فسوق» لعبده خال و«الحزام» لأحمد دهمان وغير ذلك. بطبيعة الحال فنيا لا تزال أخبار محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وراشد الماجد والمخرجة هيفاء منصور والمسلسل المعروف طاش ما طاش ونجميه عبد الله السدحان وناصر القصبي حتى مع النسخة المقلدة القادمة له مع المخرج عامر الحمود، وكل ذلك ينال الاهتمام المكثف. رياضيا يحدث نفس الشيء حيث تلقى أخبار الأهلي والهلال والاتحاد والشباب التغطية والمتابعة الأبرز. ومع هذا الوجود والزخم الإخباري يتوقع أن هامش النقد ثري وحرية التعبير واسعة في الشأن السعودي، وإنصافا فمن المهم القول إن سقف المنع ارتفع وبات ما هو من الممكن الحديث عنه وفيه أكثر من السابق، ومن المهم ذكر أن الأساس هو المنع، فلذلك يقال إن سقف المنع ارتفع. ويظهر هذا جليا في شأن سعودي بحت هو أيضا أمر انتقل ليصبح ذا بعد إقليمي واسع ودقيق جدا، الموضوع المقصود هنا تحديدا هو موضوع الساعة : موضوع سوق الأسهم السعودي وتقلباته، وهو الذي لم يلق المساحة النقدية الموضوعية «الحقيقية» الكافية ولم «يسمع» للحظة بتفنيد الأسباب كاملة من دون خوف أو ذعر أو قلق. هناك مساحة من الحقائق لا تزال غائبة تماما حين التعرض لمشاكل انهيار سوق الأسهم بالشكل الذي حصل، وطالما بقيت هذه المساحة غائبة ستكون بالتالي كافة الحلول المطروحة لعلاج المشكلة الكبرى هذه، حلولا مبتورة وناقصة. إن حالة سوء الظن الهائل وفقدان الثقة المطلوبة «مؤشران» مهمان لقياس الأزمة الموجودة اليوم. هناك العديد من الطرق الموجودة والمتاحة والتي من الممكن استعمالها لتقليص حجم التوتر والاحتقان المتجذر في السوق. طرق لتطوير آلية التواصل ما بين مجلس الشورى والسوق بجهازه التشريعي، طرق لتحسين التواصل الإعلامي بمختلف وسائله مع المصارف وإدارة السوق نفسها وبعث المعلومات المفقودة والمطلوبة من جديد الى ساحة التداول، تطوير في آليات التعاطي مع المخالفين وتسميتهم ومنظومة عقابهم وغير ذلك من الاقتراحات اللافتة والمهمة والفعالة. المساحة السعودية الهائلة والمسيطرة على الطرح العام في الساحة العربية مطلوب وبشدة أن يلحقها جرأة نقدية قوية على الساحة الداخلية لكي يكسب كل هذا الزخم الجدارة والاستحقاق المطلوب.