مع انطلاقة الحكومة الاسرائيلية الجديدة، دعا مدير مركز الدراسات الاجتماعية والسياسية والاستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة بن غوريون شارون فريدو في مقال نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" امس، اسرائيل الى صوغ استراتيجيا جديدة للعلاقات مع الاتحاد الاوروبي، ننقل ما جاء فيه: "مع تقديم الحكومة الى الكنيست صرح ايهود اولمرت ان اسرائيل لا تنوي العمل وحدها على تحديد حدودها المستقبلية. واوضح ان عملية سياسية من هذا النوع حاسمة وشاملة لا يمكن ان تتحقق من دون التفاهم مع اطراف كثيرين في المجتمع الدولي، لذا ستتعاون اسرائيل مع الولايات المتحدة كما ستتعاون مع اصدقائها في اوروبا". واوضح "ان زعماء اوروبا الحاليين يفهمون بصورة افضل الوضع المعقد في الشرق الاوسط".

في ظل هذه التصريحات لرئيس الحكومة، واذا كان صحيحا ان زعماء اوروبا يفهمون في صورة افضل حاجات اسرائيل، فان غياب الاستراتيجيا الشاملة للعلاقات مع القارة الاوروبية يبدو امرا لافتا. وباستثناء التحسن الايجابي الذي طرأ على هذه العلاقات في مجالات عدة، تتصرف اسرائيل كما لو كانت جزيرة في المحيط الاطلسي وليست دولة مجاورة للاتحاد الاوروبي الآخذ في الاتساع والذي سيتحول دولة عظمى رغم الصعوبات والتدهور الموقت الذي يعانيه اليوم.

الاتحاد الاوروبي هو احد اهم الشركاء الاقتصاديين لاسرائيل ويشكل الجبهة الخلفية الثقافية والسياسية لها. ولقد تمتعت اسرائيل بمكانة خاصة في الاتحاد مما منحها امتيازات خاصة في مجالات التنمية والاقتصاد. ان عدم وجود استراتيجيا اسرائيلية متعددة الابعاد تجاه الاتحاد الاوروبي هو اهمال كبير من شأنه ان يضر بالوضع الدولي والامني لاسرائيل ويؤذي تقدمها العلمي والتقني والاقتصادي. وان صراع الدولة اليهودية ضد العداء للسامية في اوروبا وعلاقاتها المعقدة مع الجاليات اليهودية في الدول الاعضاء في الاتحاد تضاعف الحاجة الى بلورة استراتيجية شاملة.

رغم الاطر السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية التي وضعها كل من اسرائيل والاتحاد الاوروبي من اجل تحسين العلاقات في ما بينهما، لم تعد العلاقات السياسية الى مسارها الطبيعي منذ عام 1980. ففي معظم المشكلات السياسية تتعارض مواقف الاتحاد الاوروبي وغالبية الدول الاعضاء فيه الى حد كبير مع سياسة اسرائيل وافعالها. ولقد برز هذا العداء بوضوح في قضية جدار الفصل، وفي كل ما يتعلق بالموقف من محكمة لاهاي. ولكن بعد خطة الانفصال عن غزة، ومع بلورة خطة الانكفاء في الضفة وعلاقة اوروبا بحكومة حماس، بدأت تبرز بوادر تغيير. ولكن حتى الآن لا يمكن ضمان قيام "عهد جديد" في العلاقات.

من الواضح اليوم اكثر من اي يوم سابق ان اسرائيل غير قادرة على مواصلة اعتمادها على العمليات المحدودة والتغييرات الشخصية في المؤسسات وعلى الكيمياء بين الاشخاص والعلاقات العامة او الحظ. فاذا كان زعماء اوروبا يفهمون في صورة افضل الوضع المعقد في الشرق الاوسط كما يدعي اولمرت، فلقد آن الاوان لتوقف اسرائيل اعتمادها على علاقاتها مع الولايات المتحدة كسبب للتقليل من اهمية العلاقات السياسية والامنية مع الاتحاد الاوروبي".