مفتي مصر علي جمعة، منرفز جدا، ومعصب، ويدعو إلى التصفية الجسدية للمتطرفين الذين يقتلون مسلمين قائلا إنهم يلوثون أيديهم بدماء المسلمين، وهم متشددون قتلة وإرهابيون ويشكلون مجموعة أوباش ويجب تصفيتهم جسديا وضربهم بكل قوة.. و "لا يجب أن نتعاطف مع أناس لوثوا أيديهم بدم المسلمين" و"لا يمكن الاتصال بهم أو الحوار معهم.. لأنهم لا يريدون أن يجلسوا ويستمعوا لأحد"!! جمعة الذي كان يتحدث في ندوة بالقاهرة حول ’’الاسلام والوسطية والتشدد’’ ووجه بآراء مخالفة، وخاصة من المحامي الاسلامي البارز منتصر الزيات الذي طالب بالحوار مع المتشددين، قائلا ان البعض يرفع اللاءات.. لا حوار ولا تفاهم ولا نقاش مع أبنائنا وشباب الأمة الذين يتشددون في آرائهم وتوجهاتهم. وقال أيضا: اذا كنا نقبل مبدأ الحوار مع الآخر فمن باب أولى أن يكون الحوار مع أبناء الأمة ولا بد أن يكون هناك فقه جديد يناقض فقه العنف الذي وضعوه.. أجدني أقف بقوة مع الزيات، ومعارضا لجمعة، فقتل المتشددين، والحكم عليهم بالاعدام بالجملة، وتعذيبهم في أقبية السجون، وملاحقة أعوانهم والتضييق على عوائلهم، لا يطوي ملف الشطط والتشدد، بل يوفر بيئة ملائمة لصناعة ’’شهداء’’ ورموز وقادة شعبيين، وأبطال تحت- أرضيين، يلهج الشباب بأقوالهم ويتلهفون على تلقي تعاليمهم، كونهم ضحايا للطواغيت(!).

قتل التشدد واستئصاله من الجذور، لا يتمان بالعنف والقمع والترهيب، بل بالحوار ومقارعة الحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة، لا بحبل المشنقة، فهؤلاء الشباب يحملون فكرا إسلاميا ويتكئون على نص إسلامي، وآيات وأحاديث موجودة في كتبنا الشرعية المعتبرة، وهم يعبرون عن وجهة نظر، وإن شابها الالتواء والخلط وسوء الاستخلاص، ولا ينفع معهم أن يواجهوا بالتغييب، الذي يوفر رموزا للاقتداء والتأسي! نحتاج لعلماء محاورين، لا لعشماوات حاملي فؤوس وسواطير وحبال مشانق، فالظاهرة الاسلامية غدت من التجذر والعمق بحيث لا ينفع معها استئصال، وما يغيب عن أصحاب هذا الخيار أن الأفكار التي يتداولها الشباب إياهم لها مصادر دائمة من التغذية، ولها ايضا أنصار من العلماء المعتبرين في القديم والحديث، ولا يواجه هؤلاء إلا بالحجج والمقارعة الفكرية والفقهية، جلاء للحق، وإيضاحا لروح الاسلام العظيمة التي تدعو للتفكر والتدبر، قبل أخذ الأمر باليد للتغيير والاصلاح! آراء مفتي مصر بحد ذاتها هي دعوة للتطرف، ومدعاة لاستدراج وصناعة متطرفين، وفيها قدر كبير من الاستفزاز لأي صاحب رأي، حتى ولو قاده رأيه لارتكاب جريمة.
لا ندافع هنا عن التطرف والشطط والغلو، بقدر ما ندعو لترشيد مسار جحافل الشباب السائرين في ركبه، حتى نتخلص من هذه الظاهرة اللعينة، التي بدأت تحصد أرواحا بريئة لا تدري شيئا عن التطرف، وليست طرفا في أي حوارات أو محاكمات!!