شعبان عبود.....النهار

رفض الأمين العام الأول للحزب الشيوعي السوري حنين نمر الذي وصل الى قمة هرم الحزب قبل ايام بعد انتخابات على مستوى اللجنة المركزية، التسليم بأن التغيير الذي حصل في الحزب هو "سابقة" على مستوى الأحزاب اليسارية العربية، مذكرا بأن الأمين العام السابق لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" جورج حبش "هو من سبقنا وفسح المجال لغيره". وقال في لقاء أجرته معه "النهار" في مكتبه في مجلس الشعب السوري حيث يشغل منصب عضو في مكتب المجلس أن "الرفيق" الأمين العام السابق يوسف فيصل "هو من بادر منذ عام الى القول أنه سيفسح المجال لغيره، وبالفعل انبثق رأي عام في الحزب للوقوف عند هذه المبادرة خلال مؤتمرنا الأخير، ولكن مع التأكيد على الاستمرارية وتكريم فيصل، ثم ليخرج اقتراح بتسميته رئيسا ".

ولم يشأ نمر ان يقول "رئيسا فخريا"، لأن ذلك على حد تعبيره يعني ان الرجل صار خارج الحزب، في حين انه يمثله في الجبهة الوطنية التقدمية، ولأن مصطلح "رئيس فخري لا يليق بتاريخ الرجل ونضالاته".

ويلقب البعض الأمين العام الأول للحزب الشيوعي السوري حنين نمر "التاجر الأحمر"، وسألناه عن السبب على رغم ان لا علاقة له بالتجارة وعالمها، فأجاب: "عملت في مؤسسة التجارة الخارجية مدة 20 سنة وفي عام 1988 أصبحت المدير العام لمؤسسة الحبوب وبقيت فيها مدة 14 عاما وخلال هذه الفترة تحقق التطور على صعيد إنتاج الحبوب وتصديرها وتخزينها وبناء الصوامع في كل أنحاء سوريا، كذلك عملت في النشاط النقابي. وخلال رئاستي لمؤسسة الحبوب كنت منتدبا حسب القوانين لأكون عضوا في غرفة تجارة دمشق وبقيت نحو 12 عاما بين التجار... أنا الشيوعي، لهذا السبب لقبني البعض التاجر الأحمر."

ونمر هو من مواليد دمشق عام 1942 ويحمل إجازة في الحقوق وديبلوما في الاقتصاد وانتمى الى الحزب الشيوعي السوري عام 1957 وكان في حينه مدرسا للغة الإنكليزية.

وهل بات بعد الانتخابات الاخيرة "الزعيم " الجديد للحزب الذي يحتكر كل السلطات والقرارات في يده ؟ اجاب: "لا، نحن خلال المؤتمر العاشر للحزب حيث جرت الانتخابات الأخيرة، أجرينا نوعا من فصل السلطات، فهناك اللجنة المركزية التي أصبحت بمثابة سلطة تشريعية في الحزب ولممارسة دورها انتخب لها كيان مؤلف من رئيس ونائب وأميني سر، وهذه الهيئة تدير اجتماعات اللجنة المركزية وتضع خطة للحزب تقوم على تنفيذها. ومن هذه اللجنة يتفرع مكتب سياسي مؤلف من 15 عضوا يمثلون مختلف المحافظات السورية. وفي داخل المكتب السياسي هناك أمانة مؤلفة من خمسة الى ستة اشخاص كل واحد منهم مسؤول عن قطاع اقتصادي أو تنظيمي أو فكري، إضافة الى ما يتعلق بشؤون الشباب والادارة المحلية ومواضيع الجبهة. وهذه تمثل قيادة يومية للحزب بحيث يكون مسؤول القطاع صاحب القرار. وقد أطلقنا مبادرات لرؤساء المكاتب ليعملوا ابتعادا عن المركزية وهيمنة الشخص الواحد... كذلك فإننا، من خلال النظام الداخلي، كرسنا التعددية من خلال نص واضح يقول أنه لا يجوز أن يشغل الأمين الأول منصبه أكثر من دورتين".

ورفض أن يكون ثمة تعارض بين اليسار والديموقراطية قائلا: "ليس هناك سور صيني بينهما، لماذا لا يكون اليسار ديموقراطيا؟ إن احد اسباب تراجع حركة اليسار هو الافتقار الى الديموقراطية الداخلية في حياتها الداخلية، ولكن هناك تناقض في بعض الأحزاب اليسارية في سوريا، فهي تنادي بالديموقراطية للدولة لكنها لا تطبقها في أحزابها". وهنا تحدث عن أحزاب يسارية أخرى تمارس "الديكتاتورية والاستبداد في داخلها بينما قادتها لا يتركون مناسبة إلا وينتقدون فيها غياب الديموقراطية في الدولة، لكنه رفض أن يسميها "لأنه من غير اللائق أن نوجه النقد عبر الإعلام بينما هم يتعرضون لظروف عمل صعبة".

وأخيرا لا يرى نمر "مشكلة في نمو التيارات الدينية، لأن أسباب ذلك تتعلق بمحاولات الهيمنة الأجنبية التي لا بد أن توجد نوعا من ردود الفعل، وبسبب النكسات التي رافقت المشروع القومي والاشتراكي في المنطقة والعالم". لكنه يتخوف من "نمو التيارات التكفيرية والظلامية بسبب غياب الحوار الديموقراطي بين العلمانيين والمتدينين وتوافر مثل هذا الحوار سيساعد في تقوية التيار الاسلامي المستنير والمعتدل".