في كتابه «رجل في الظلال» يقول افراييم هالفي، المدير السابق «للموساد»، التالي نصه الحرفي: «كانت الحرب الإيرانية ـ العراقية تقترب من نهايتها. وكان العراق يستخدم أسلحة غير تقليدية من اجل صدّ المدّ الإيراني الشيعي وإخضاع المقاومة الكردية في الداخل. وطوال ثماني سنوات مضت كانت إسرائيل تقف عند السياج وتتفرج على المواجهة السنية ـ الشيعية بارتياح هائل. ذلك أن إضعاف العراق وإيران معاً، وكلاهما عدو معلن لإسرائيل، كان يخدم مصالح إسرائيل الاستراتيجية منذ بعض الوقت، كما انه ساهم في أفول الجبهة الشرقية التي كانت هاجس التخطيط الإسرائيلي منذ عقود».

بعد قيام إسرائيل أطلق بعض الواعين العرب حملة «اعرف عدوك». وكلما قرأنا شيئاً لمسؤول إسرائيلي أقول إن الحملة المطلوبة هي «اعرف جهلك»، «اعرف تخلفك». ابدأ بإحصاء جدّي للقتلى الشيعة والسنة في العراق. للجثث الملفوفة بأكياس النايلون عند مداخل البيوت. أما عدوك الحقيقي فلن تعرفه إطلاقا لأنه أنت. وأنت قتلت في حربك المذهبية نحو 120 ألف كائن بشري في ثلاث سنوات، فيما سقط 2500 قتيل في الصراع المذهبي في آيرلندا الشمالية خلال ثلاثين عاماً. حاول أن تعرف نفسك. حاول أن تسأل لماذا يسقط مائة ألف جزائري بالسكاكين و200 ألف لبناني بالراجمات، وأي نوع من الفكر الإنساني هو الذي يريد أن يقتل اقتصاد مصر. وحاول أن تسأل نفسك لماذا هناك 17 مليون أمّي في مصر، أي عدد سكان سورية مجتمعين.

ليس أسهل من أن تعرف عدوك. فهو مجتمع مفتوح. قادته يدونون «الارتياح الهائل» لحروبك وموتك والهزائم التي تلحقها بنفسك. المهم أن تعرف نفسك. وأن تدرك أين أنت. ولماذا همومك دائماً الذبح، ودائماً جارك ومواطنك، ودائماً لديك مبرر لذلك والفيديو كليب جاهز. والبيان. والفضائية المختصة بنشر ثقافة الحرية والاستقلال والتقدم على الأمة! يقول جورج بنيدكت: «أكثر ما يضحكني هو أن رجال المارينز هم المكلفون بنشر الديموقراطية». لذلك حيث يكون المارينز في طمأنينة إلى مسعاهم الديموقراطي تطمئن الفضائيات إلى رسالتها الأممية هي أيضا.

يا عزيزي اعرف نفسك. اسأل أين أنت من القتلة والسفاكين والسفاحين. اسأل لماذا سقطت جميع صواريخ «سكود» في حقول إسرائيل وبراريها ولم يمت بسببها سوى رجل واحد بالسكتة القلبية، عدوك ليس أسهل من أن تعرفه. هو يبلغك مدى فرحه بما تفعل.