هاجم الكاتب في صحيفة"هآرتس" زئيف شطرنهيل خطة رئيس الحكومة ايهود اولمرت لترسيم الحدود الدائمة لإسرائيل من طرف واحد، لأنها ستحول الحرب من وضع مؤقت الى وضع دائم. ننقل بعض ما جاء في المقال: "لقد احتاج ايهود اولمرت وقدامى الليكود ومؤسسو كاديما الى ثلاثين عاماً كي يدركوا ان تقسيم ارض اسرائيل هو حبل الخلاص للصهيونية. في الماضي كل من قال ذلك اعتبره "امراء" اليمين خائناً. واليوم يطرح السؤال التالي: هل نحتاج الى ثلاثين سنة اخرى كي يدرك من هم اليوم في السلطة ان ترسيم الحدود من طرف واحد والتقوقع وراء الجدار الذي يفترض ان يرسم خط الحدود يحول الحرب من وضع موقت الى وضع دائم؟ وان كل حل غير مقرون باتفاق سيؤدي في نهاية الامر الى نفق مسدود او الى الانهيار؟

لقد اراد ارييل شارون الانسحاب منذ البداية من المكان الذي لم يرغب في الدخول اليه، ومع تأخير دام عقودا واصل تشبثه بمبدأ تجاهل الفلسطينيين ككيان مستقل. فالانسحاب في رأيه لا يرمي الى تحضير القاعدة للحل الدائم والمتفق عليه وانما لتحديد اسلوب عمل للمستقبل يقوم على انسحاب من المناطق التي تعتبرها عبئاً أمنياً لا يطاق بما في ذلك الخليل، وضم المناطق التي تريدها وفقاً لحاجاتها الحقيقية والوهمية...

هذا هو المشروع الكامن وراء خطة "الانكفاء" التي يدعمها اليسار، ولكن خطة شارون الكبرى ليست انتصاراً لليسار انما على النقيض من ذلك تمثل انتصاراً كبيراً للاستيطان الايديولوجي. لقد ادرك زعماء الاستيطان على الدوام انهم لن يقدروا على تحقيق أمنيتهم في ارض اسرائيل الكاملة الا في حال طرد السكان المحليين او جعلهم في منزلة العبيد. ولكن الواضح اليوم ان اسرائيل لا يمكن ان تسمح لنفسها القيام بذلك وبالتالي بات السؤال المطروح اليوم: هل تستطيع الحكومة الحالية التخلص من اساليب السلوك الذي وضعه لها شارون؟ ليس في تراث شارون ما يستحق الحفظ لأنه تجاهل وجود الفلسطينيين في كل المجالات.بالطبع وجود حماس في السلطة يخلق عائقاً جديداً ولكن الوضع الناشىء يشكل ذريعة مريحة مثلما كانت منظمة التحرير حتى التوقيع على اتفاقات اوسلو. صحيح ان الفلسطينيين كانوا دائماً أكبر اعداء لأنفسهم لكنهم يجرون اسرائيل ايضاً نحو اوضاع مسدودة الافق. من واجب الحكومة ذات النظرة البعيدة الأفق وقف التدهور ورمي اطار الانقاذ الى حكام السلطة الحاليين. لقد جربت اسرائيل في علاقتها بالفلسطينيين كل الاساليب ومنذ اتفاق اوسلو لم تنجح اي حكومة في ان تثبت لسكان المناطق ان الاعتراف المتبادل يخدم مصالحهم اليومية. والعقوبات التي فرضت على الفلسطينيين في اعقاب تصويتهم لحماس لم تعط اي نتيجة باستثناء تجويع السكان... لذا ينبغي ان نسارع الى بلورة سياسة عقلانية والسعي الى تسوية شاملة لا تحقق كل احلام الطرفين ولكنها تسمح لهما بالحياة."