«الشرق الأوسط»
السفارة الأميركية بطرابلس ستفتح خلال 45 يوما

قررت الولايات المتحدة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع ليبيا، في خطوة تضع حداً لقطيعة دامت أزيد من ربع قرن. وقالت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية في بيان رسمي امس: «سنفتح قريباً سفارة اميركية في طرابلس»، مشيرة الى أن القرار سيدخل حيز التطبيق خلال 45 يوما. وقالت مصادر اتصلت بها «الشرق الاوسط» في العاصمة الليبية، ان مكتب الاتصال الأميركي في طرابلس، كان يبحث في الآونة الاخيرة عن مبان جديدة للسفارة الاميركية.
وأوضحت رايس، أن الولايات المتحدة قررت شطب اسم ليبيا من الدول الراعية للارهاب، وهي لائحة كانت تضم حتى الشهر الماضي كوبا وإيران وليبيا وكوريا الشمالية والسودان وسورية. وأشارت رايس الى إن ليبيا ستحذف من لائحة الدول التي «لا تتعاون بطريقة كاملة في جهود محاربة الإرهاب». وقالت الوزيرة الاميركية إن هذه الخطوة اتخذت بعد أن أبدت ليبيا تعاوناً تجاه التهديدات العالمية التي واجهت المجتمع الدولي منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول).

وشددت رايس على أن الخطوة الجديدة جاءت نتيجة لقرار ليبيا عام 2003 بنبذ الارهاب وإلغاء برامجها حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت طرابلس قد سلمت الولايات المتحدة بعد اعلان تخليها عن برنامج التسلح بقايا معدات تتعلق بأسلحة الدمار الشامل.

وعبرت الوزيرة الاميركية عن أملها في ان تحذو ايران وكوريا الشمالية حذو ليبيا، نظرا للمنافع التي بدأت ليبيا تجنيها من اتخاذها قرارا بنبذ الارهاب والتخلي عن أسلحة الدمار الشامل. وقالت رايس: «تماما مثلما شكل عام 2003 نقطة تحول بالنسبة للشعب الليبي، فإن من الممكن أن يشكل عام 2006 نقاط تحول بالنسبة للشعبين الايراني والكوري الشمالي». وأضافت أن «ليبيا تمثل نموذجا مهما، حيث تضغط الدول حول العالم من أجل حدوث تغييرات في سلوك النظامين الايراني والكوري الشمالي، وهي تغييرات يمكنها أن تكون حيوية بالنسبة للسلام والأمن العالميين». وتسعى الولايات المتحدة لاستخدام الدبلوماسية الدولية للحيلولة دون قيام إيران بتطوير برنامج لتصنيع أسلحة نووية، وإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها لتصنيع الاسلحة النووية.

وقالت رايس إن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا سيفتح المجال لحماية حقوق الانسان وتنمية الحريات وحرية التعبير وتوسيع نطاق الاصلاحات الاقتصادية والسياسية.

وطبقاً لمعلومات استقتها «الشرق الاوسط» من مصادر مطلعة، فإن واشنطن ربطت التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين بتحقيق ليبيا لمسألتين؛ الاولى هي إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين السياسيين، وهو ما حدث بالفعل، والثاني يقضي بإعادة ممتلكات كانت قد صودرت من بعض الاشخاص خلال فترات متعددة ولأسباب متباينة، وشرعت السلطات الليبية منذ فترة في حصر تلك الممتلكات والاتصال بأصحابها واقتراح تعويضهم.

وتفيد مصادر أصوليين بأن ليبيا سلمت الولايات المتحدة عناصر من «الجماعة المقاتلة الليبية» في اطار تعاونها في حرب الارهاب. وعلى الجانب الآخر، تؤكد مصادر الاصوليين أيضا أن واشنطن سلمت طرابلس قيادي «القاعدة» ابن الشيخ الليبي الذي كان محتجزا في غوانتانامو، وساعدت في نقل ليبيين احتجزوا في افغانستان الى «مؤسسة القذافي الخيرية».

وفي طرابلس رحبت ليبيا بقرار الولايات المتحدة استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، قائلة انه سيساعد في دعم العلاقات في جميع المجالات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية حسونة الشاوش «ان هذه الخطوة مهمة على طريق دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في جميع المجالات، بما يخدم مصالح الطرفين ويدعم السلام والاستقرار والأمن في العالم».

وسيصل دبلوماسيون اميركيون قريباً الى طرابلس من أجل تدعيم طاقم السفارة هناك، في حين يرجح ان تبقى السفارة الليبية في واشنطن على مستوى قائم بالأعمال لفترة. ويعتقد مراقبون ان ليبيا ظلت تستعجل اقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين في عهد إدارة الرئيس الحالي جورج بوش، خشية ان يصل الديمقراطيون للحكم ويؤجلون الخطوة. وأفيد في واشنطن بأن ارتفاع اسعار النفط كان وراء قرار الاسراع بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع ليبيا.

الى ذلك، رحبت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت بتحسن العلاقات الليبية ـ الأميركية، وقالت في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس: «اننا نرحب بقرار الولايات المتحدة رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في طرابلس وشطب اسم ليبيا من لائحة الدول الراعية للارهاب». وأضافت بيكيت ان «ليبيا احرزت تقدماً مهماً منذ قرارها التاريخي عام 2003 بنبذ الارهاب والقضاء على اسلحة الدمار الشامل لديها»، مؤكدة عزم بلادها «التعاون مع ليبيا لدفع هذا التقدم».