يدعيوت أحرونوت

شالوم ديختر
(مدير عام جمعية "سيكوي" "فرصة" للمساواة)

قرار محكمة العدل العليا امس هو معلم سلبي في العلاقات بين الاقلية العربية من جهة وبين الدولة والغالبية اليهودية من جهة ثانية. فقد استغلت المحكمة العليا المزاعم الامنية من اجل تقييد زواج عرب من مواطني اسرائيل من فلسطينيين من المناطق الفلسطينية، في حين ان الجميع يعملون في الواقع ان غايتها هي تقليص عدد العرب في اسرائيل بأكبر قدر ممكن، مثلما تفرض "الديموغرافية".
عموماً، دولة اسرائيل تتصرف كالرقص حول شعلة العرق الديموغرافية، وكل الاجهزة تجند لهذه الرقصة، بدءاً من معايير الاقتطاع من المخصصات المادية وصولا الى تقييد تجنس المتزوجين. المشكلة هي ان حوالي خمس مواطني الدولة يشوون في الداخل، في قلب هذه الشعلة. وهي تقضم يوماً المزيد والمزيد من شرعية مواطنة العرب في اسرائيل، فيما الفريضة الاساسية هي التقليل من عددهم اكبر قدر ممكن.
لقد تكاتفت السلطات الاساسية الثالث في النظام الديموغرافي (الكنيست، الحكومة، والمحكمة العليا)، تكاتفت من اجل تنفيذ رغبة الجمهور اليهودي، وفي قلب هذه الرغبة يقف "الادعاء الديمغرافي"، وعمليا، فان سلطات الحكم في اسرائيل تصغي لرغبة الاغلبية اليهودية، صاحبة السيادة فعليا، وتفعل كل شي"، كل شيء فعلا، من اجله. بيد انه ليس فقط الجمهور يؤثر على السلطات، العكس صحيح ايضاً، وقرار المحكمة العليا سيكون له تداعيات بعيدة المدى على انعدام الشرعية التي يصبغها الجمهور اليهودي على مواطنة العرب في اسرائيل.
ما الذي سيفكر فيه الفتى اليهودي الذي يستطيع الزواج من فتاة يهودية من خارج البلاد والتي ستستقبل بالترحاب هنا، بينما زميله العربي لا يستطيع الزواج من فتاة من المناطق الفلسطينية وأن يعيش هنا؟ لا شك ان القضاة الاحد عشر قد اقشعر بدنهم لنتائج الاستطلاع الذي اجراه المعهد الاسرائيلي للديموقراطية، والذي اظهر 62% من اليهود في اسرائيل يدعمون ويشجعون هجرة المواطنين العرب من الدولة. فهل ان القضاة الستة الذين حسموا الكفة يدركون انهم بقرارهم يساهمون في نتائج ربما تكون اخطر في الاستطلاع القادم؟ هل انهم يعكسون بقرارهم رأي الجمهور اليهودي، أم يؤثرون عليه؟
لقد تلقى الجمهور العربي ضربة قوية، لكن مصلحة الدولة والجمهور اليهودي هي التي ستعاني، اذ كلما تصاعد لهيب المزعم الديموغرافي في شعلة العرق اليهودي في اسرائيل، كلما تعذبت الاقلية العربية. ينبغي الهدوء وتخفيض اللهيب والنظر صحيحاً الى الواقع: اذا لم يكن هنا كارثة بيئية. سوف تكون في اسرائيل غالبية يهودية في المئة سنة القادمة. من كانت الصهيونية عزيزة عليه، فينبغي ان ينقذها من الهستيريا الديموغرافية التي استحوذت على اليهود في السنوات الاخيرة. ومن المناسب ان تساعد المحكمة العليا في الوصول الى هذا الهدف.