كان قبول المعنيين في المجموعة السورية من الموقعين على نص: "إعلان بيروت - دمشق / إعلان دمشق - بيروت" بضم توقيع "المراقب العام للاخوان المسلمين" السوريين السيد صدر الدين البيانوني إلى لائحة تواقيعهم خطأ فادحاً. أقول بدون أي مبالغة إنه خطأ أدى إلى نسف مشروع المبادرة من أساسه. فالسيد البيانوني بعد الخطوات السياسية التي أقدم عليها في الأشهر الأخيرة (وتبرأ منها الجسم الأساسي للمعارضين المقيمين في دمشق عبر بيانات معلنة) لم يعد هو نفسه البيانوني الذي أطلق قبل سنوات "وثيقة الاخوان المسلمين" التي تدعو إلى قيام دولة مدنية لا دينية في سوريا وترفض الاحتكام للسلاح في المعارضة بل تدعو إلى اعتبار الإسلام الأساس الحضاري لا السياسي للدولة الديموقراطية المطلوبة في سوريا. وقد "روّجنا" يومها لهذه الوثيقة إلى حد القول الجاد آنذاك بصيغة مازحة وفي مقال منشور بتوقيعي على هذه الصفحة أنه بعد هذه الوثيقة يمكن تسمية هذا التنظيم بـ "حركة الاخوان غير المسلمين!"(2001). وكنا نلوم النظام السياسي في سوريا علناً، أي كتابةً، على رفضه التجاوب مع هذه التحولات (بينما كان البعض من "ثوار" اليوم في بيروت يتصل بنا لوقف هذا الكلام).

أما اليوم فلم يعد البيانوني (الثالث) هو نفسه ذاك البيانوني (الثاني)!

كانت الفكرة من مبادرة "إعلان بيروت - دمشق..." هي التحرك بأسماء ذات مصداقية ضد المنحى الحالي التوتري في بيروت ودمشق للعلاقات اللبنانية السورية وبلغة نقدية على جانبي الحدود. ومن كان سيكون أكثر مصداقية من تواقيع معارضين سوريين بين أسماء أخرى متزنة في بيروت ودمشق؟! وهو ما حصل فعلاً.

... لكن كل هذا نسفه مع الأسف توقيع واحد بل وحيد: صدر الدين البيانوني.

... باختصار: لسنا معنيين بمشروع الحرب الأهلية في سوريا

أياً يكن موقفنا من النظام والذي لا يحتاج إلى توضيح.

هذا ما يعنيه الآن اسم "البيانوني الثالث".