نشرت صحيفة "هآرتس" امس تقريرا لمراسلها في واشنطن شموئيل روزنر تناول فيه التبدل في اتجاهات الرأي العام الاميركي من مسألة التفاوض مع ايران في موضوع السلاح النووي، عارضا الجدل الذي دار حول الرسالة التي وجهها الرئيس الايراني الى الرئيس الاميركي جورج بوش وما اذا كان على بوش الرد عليها ام لا. ولقد توقف امام المقال الذي نشره وزير الخارجية الاسبق هنري كيسنجر هذا الاسبوع في "الواشنطن بوست" والذي قال فيه انه آن الاوان للتفاوض مع الايرانيين. ننقل ما جاء فيه: "ما زال هنري كيسنجر وزير الخارجية السابق قادرا على اثارة الاصداء لدى نشره مقالا. وهذا الاسبوع نشر في "الواشنطن بوست" مقالا خلص فيه الى ان الوقت حان للتفاوض مع الايرانيين، ليس عبر محادثات ثنائية تبقي الاوروبيين جانبا، وانما في اطار مفاوضات متعددة الطرف. وحجته في ذلك ان ليس في استطاعة الولايات المتحدة، في الموضوعات التي تتعلق بأمنها مباشرة اجراء مفاوضات عبر وسطاء مهما كانوا مقربين منها. واذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاجراء مفاوضات مع كوريا الشمالية ومع ايران في بغداد في ما يتعلق بالامن في العراق، فلا طريق يؤدي الى مسار للتفاوض المتعدد الطرف تستطيع الولايات المتحدة المشاركة فيه.

مستشار سياسي ديموقراطي كبير فسر كلام كيسنجر على الشكل الآتي: "اتجاه الريح تغير، والولايات المتحدة شاءت ام أبت في صدد اقتراح مفاوضات على الايرانيين. آمل ان يكون مستشارو الرئيس ايهود اولمرت قد فسروا له الوضع قبل قدومه الى هنا". ولكن يبدو ان هذا لم يحدث لان الاوساط الاسرائيلية صاحبة القرار لم تلحظ لدى الادارة الاميركية اي توجه نحو هذا المسار. ففي رأي هؤلاء لن يوافق بوش ولا تشيني على مثل هذا الامر، وهو لن يحدث خلال ولاية الرئيس الحالي.

ورغم هذا فالاشارات تتراكم. ولقد شرح المستشار السياسي السابق لـ"هآرتس" ان كيسنجر لا ينشر مقالا من هذا النوع من دون الاتفاق عليه مسبقا مع الادارة الاميركية. فهو لا يريد مفاجأتها لانه يرغب في تلقي الدعوات الى البيت الابيض، وهو حذر جدا، وقد حرص دائما على عدم تجاوز حدود المؤسسة، ومجرد اقتراحه مثل هذه المفاوضات دليل على "تحول في النقاش بين الخبراء والمثقفين" بحسب عضو في الكونغرس ضليع في الموضوع الايراني.

يوم الثلثاء من هذا الاسبوع نشر معهد "فاو" استطلاعا للرأي حول موضوع ايران جاءت نتيجته واضحة: الاميركيون لا يثقون بالايرانيين ويؤيدون بالتأكيد قرارا بفرض العقوبات من اجل وقف المشروع النووي، لكنهم يعارضون وقفه عسكريا، ففي رأيهم ان الوقت لم يحن بعد. مسؤول كبير في القدس تساءل هذا الاسبوع: "هل حدث تحول حقيقي في موقف الرأي العام من المفاوضات مع ايران؟ وما مدى اهمية هذا التحول وقدرته على الحسم الفعلي؟". واضاف: "في حال بدأ الاميركيون مثل هذا التوجه نحو الحوار المباشر فان هذا سيكون نهاية المسار الذي نعرفه، وفي امكاننا القول وداعا للضغط على ايران (...)".