نجيب نصير

في الثورة المثقفاتية على الفيديو كليب ونجومه، اكتفى الثورجيون من حراس أخلاق الأمة (بالتشديد أو دونه) بصفة وحيدة موحدة له، وهي إثارة الغرائز، ونسوا أو تناسوا، ان إثارة الغرائز ليست مقصورة لا على الفيديو كليب، ولا على نوع الغريزة، فالغرائز التي يمكن ان تستثار غير الجنس هي اخطر وأكثر تدميرا من مجرد الإباحية التي قد تدعو إليها وقد تدعو ضدها أغاني الفيديو كليب، وحتى هذه الإباحية المضطهدة والمضخمة لا تشكل إلا جزءا يسيرا من أخلاق الأمة، وتأثيرها على منعتها، حتى انه لا يقارن ضررا بواقعة نهب واحدة، أو خطأ علمي أو تعليمي واحد، أو حالة ظلم حقوقي واحدة … أو أو ….. ولو كانت الإباحية المفترضة تمتلك هذا التأثير لسقطت أمم لا مجال لتشكك في منعتها وقوتها.

صحيح ان الفيديو كليب ينتمي إلى ثقافة تبسيطية فردانية، لكنه جزء من كل ثقافي يندلق من شاشات التلفزيون، مثيرا غرائز متوحشة وهمجية عبر التأكيد المستمر على اطلاقية الخلاص الفردي، جامعا في وجهيه من أوبرا وينفري إلى عمر خالد وما بينهما من مبسطي الثقافة والفكر والفن، فإذا كان الهجوم على الإنجاز العالمي بواسطة أوبرا وينفري بقفازات حرير، فالهجوم عليه من قبل مسوقي التراث بلا قفازات، ولكن يجمعهما تلك التبسيطية الشعبوية التي تحول الأشياء مهما ثمنت إلى سلع يمكن اللغبصة في أنحائها وإعادة تشكيلها على قد الفهم الرعاعي الذي يصنع أبطال الفضائح في أبو غريب وأبطال الذبح أمام العدسات أو حتى قتل الأبناء،

وأبطال النهب والفساد، ولا أقول هذا لأن التلفزيونات الحكومية العربية لديها بديل، ولكن لأن هذه الأمور المدمرة تمر في المسافة الفاصلة بين الديموقراطية ومصلحة الأمة، فإذا كانت أوبرا وينفري لديها الرخاء القومي والاجتماعي كي ترمح في ثقافة البوب، فنحن ليس لدينا المجال مع هذا الكم من الهموم القومية والوطنية للولوج إلى ثقافة الرعاع الامريكوتراثية التي تقتل الآخر لمجرد حصولها على الفرصة … والذريعة موجودة وحاضرة منذ أيام ….. يهوه