المونسنيور ميشيل صبّاح, بطريرك اللاتين في القدس/ لوموند / 17-5-2006

بعد فوز حماس بخمس أشهر, هل يخشى مسيحيّوالأرض المقدسة من أسلمة المجتمع الفلسطيني ؟

لا, إنهم يطالبون باحترام الحرية الدينية, وليس لديهم في الوقت الحالي أية مخاوف خاصة. إن حماس تواجه موقفاً داخلياً خطراً في إسرائيل, ومجتمعاً عالمياً لا يعبأ بها وليس من مصلحتها فتح جبهة دينية مع المسيحيين. من أسبوعين , وفي مدرسة في غزّة, استقبلت رئيس الوزارة , اسماعيل هنيّة, الذي أعطانا كل الضمانات حول مستقبل المؤسسات المسيحية. كل المواطنين الفلسطينيين , مسيحيين أو مسلمين هم على قدم المساواة بالحقوق والواجبات.

ولكن ألا يهدد تصاعد التطرف الأقليات المسيحية بإجبارها على الهجرة؟

إن المواجهة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأوسط , يتم تسويتها في الشرق الأوسط. إن المخاوف والتوترات والأخطاء موجودة, ولكننا نحن من يهضمها. خلال ثلاثة عشر قرناً , استطعنا أن نتعايش في أوقات كانت سهلة وأخرى أكثر صعوبة. الصعوبات الحالية لن تحلّ بالاتهامات والمخاوف بل بالنقاش. فلسطين أرضنا. لسنا فيها غرباء ولا مبتعثين. نحن جزء من المجتمع الفلسطيني.

وإذن أمامنا الخيار: البقاء أو الرحيل. والبقاء يعني تقبل حجم الأزمات والصعوبات الموجودة في المنطقة ؛ التعاون مع المسلمين وهم يفضلون العمل معنا على رؤيتنا نرحل.

منذ 11 أيلول, غيّرت الراديكالية الإسلامية كل شيء...

كل شيء تغير في الغرب وليس عندنا. نحن لا نجهل التهديد الهائل الذي يثقل كاهل البشرية. ولكن هذا التهديد لا يتوقف عند الإسلام الراديكالي. إن له عدة جذور أخرى في القوى التي تسحق, في نظام عالمي لا يحتسب إلاّ المصالح الإقليمية , الأمن الإقليمي الذي يمارس على حساب إلغاء الشخصية والكرامة الإنسانية. ولكن هل يعادل مفهوم الأمن التضحية بشعوب بأكملها؟ إني أرى هنا جذوراً لإرهاب سوف يؤذي المسيحيين بمثل القوة التي يؤذي بها المسلمين .

قبل الانتفاضة الثانية و قبل صعود حماس للسلطة , كان 80% من الفلسطينيين يعارضون العنف. وأتساءل لماذا رفضت لإسرائيل التفاوض مع 80% من معارضي العنف, واحتسبت ال20% الداعين للقتال وفي مقدمتهم حماس؟ ولماذا يتواصل العمل ببناء" الجدار" الذي لا يولد سوى الغضب وهو مصدر كل عنف ؟ لماذا ؟ لأن معيار الأفعال هو القوة العسكرية.

ومع ذلك هناك توجه سياسي جديد مفروض في إسرائيل...

لقد ظن آرييل شارون أن باستطاعته سحق الفلسطينيين. فلقد قتل خلال خمس أعوام كثيراً منهم , ودمّر آلاف المنازل, خرّب الزراعة والممتلكات. ثم اكتشف أنه لم يتقدم قيد أنملة وأن الشعب الفلسطيني مازال موجوداً يدافع عن حريته وبالقوة عند اللزوم. عندها قام شارون بالمداورة : إن الحرب لا تؤدي إلى شيء . إنها غير نافعة ولن تنهِ الصراع . وهكذا بدأ بالانسحاب من غزّة , ولم يكن لديه الوقت للمتابعة في بقية الأراضي, فأسّس حزبه الذي يعبّر عن رؤيته الجديدة. ولقد ورث إيهود باراك كل هذا فهل سيكون لديه القوة ليتابع التقدم في هذا الاتجّاه؟

لقد خطت إسرائيل خطوة كبيرة , ويتبقى لديها خطوة أخرى تنجزها : الاقتناع بأن السلام يصنع من طرفين, كما هي الحرب. نحن في منتصف الطريق. يجب عليها فتح الحوار مع الخصم. ومع النصر الذي حققته حماس, تجذّرها ومقدرتها على إقناع الشعب ومع التطلعات الجديدة الإسرائيلية, هناك أمل في إبرام السلام. ويجب على الغرب التوقف عن مقاطعة حماس وربطها بالإرهاب , لتشجيع مفاوضات السلام بين الطرفين. ليست حماس هي الإرهاب العالمي. على العكس , فإذا بقيت معزولة ومقاطعة , سوف ينتهي بها الأمر إلى الانضمام إليه.

لقد قرأت أن بن لادن يحاول زرع خلايا للقاعدة في الأراضي الفلسطينية. هذا النوع من الإرهاب لا يعنينا. إنه عنصر خارجي. ليس هناك تعاون بين حماس وبن لادن. إن كل أمل سيضيع إذا اتجّهت حماس نحو بن لادن.

هل تتمنون رحلة للبابا, إذا تمّت دعوته من قبل الحكومة الإسرائيلية والسلطات الفلسطينية والكنائس؟

مثل هذه الزيارة غير مفضّلة حاليّاً . يجب أن يسبقها تغييرات سياسية جديّة. لا يمكنني تخيل البابا مخترقاً" الجدار" من جهة لأخرى ! لا يمكنني رؤيته قادماً ليبارك هذا الموقف من الفصل , والانتهاكات للحريات والحقوق. يتطلب الأمر تحضيراً مسبقاً.

يعيبون عليك في إسرائيل عدم التعاطف مع ضحايا الإرهاب اليهود. حيث أنك لا تظهر أبداً خلال شعائرهم الجنائزية...

هذا ليس صحيحاً. عندما نكون مدعوين , نحضر. ولكن الضحايا في إسرائيل وفي فلسطين متساوون في المصير الذي هو كونهم ضحايا. لا نستطيع أن نحكم على الضحايا الاسرائيليين دون أن نحاكم أيضاً الضحايا الفلسطينيين والعكس بالعكس. هذا ليس إرهاباً إنهما شعبان يعيشان حالة حرب. ولا يمكننا أن نعترف بحق الدفاع عن النفس لطرف واحد. في هذه الحرب , لجأ الطرفان للعنف. وقام الطرفان بقتل الأبرياء. ويجب أن يلام الطرفان . ويجب أن يعزّى الطرفان , وكم أحبّب أن تقام اجتماعات لأهالي الضحايا من الطرفين, ليتم الغفران.

مسيحيو الأراضي المقدّسة

3% من السكان. يبلغ تعداد المسيحيين العرب في الأرض المقدسة ( إسرائيل, الأراضي الفلسطينية, الأردن) 300000: نصفهم في إسرائيل-فلسطين, والنصف الآخر في الأردن. في القدس هناك 10000.

عدد الأرتودوكس 45000 وعدد الكاثوليك البيزنطيين 40000. الكاثوليك اللاتينيين - رعايا المونسنيور مايكل صبّاح- عددهم 70000. المارون 8000 , والبروتستانت 3000 , ورعايا الكنائس القديمة ( أرمن , قبط , سريان) عددهم 6000 .