ثمة من يرى الى تدهور الوضع الأمني في غزة في الايام الأخيرة على أنه خطر حقيقي لاندلاع حرب أهلية، قد تمتد الى الضفة الغربية، بحيث تُعرض وجود السلطة الفلسطينية تماما للخطر، وتُعرض كذلك أمن اسرائيل للخطر.

المسؤولية عن كل ما يحدث في غزة تقع أولا وأخيرا على حماس. صحيح أن الحركة فازت في الانتخابات بطريقة ديمقراطية، وبعدها تشكلت في السلطة الفلسطينية حكومة جديدة، لكن تحديدا لانها فازت بالسلطة عبر الانتخابات وليس بواسطة انقلاب عسكري، فانه يتوجب على الحكومة الجديدة أن تنفذ وتلتزم بالتعهدات التي سبق ووافقت عليها الحكومات الفلسطينية السابقة. وفي النهاية، طريقة الحكم الفلسطيني تضم أيضا رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، رجل فتح، الذي تم انتخابه أيضا بطريقة ديمقراطية قبل بضعة اشهر من تلك الانتخابات.

ومع ذلك، فان حكومة اسرائيل ايضا لا تستطيع التبرؤ من مسؤولية ما يحدث في غزة والضفة الغربية. ففك الارتباط، أو الانسحاب، من قطاع غزة تم تنفيذه بصورة أحادية الجانب دون اعطاء أي رصيد لسلطة أبو مازن، الذي ضعفت مكانته جدا على ضوء ادعاءات حماس التي تقول فيها أن عمليات المقاومة ( أي الارهاب) هي التي أجبرت اسرائيل على الانسحاب.

على مدى سنوات طويلة امتنعت اسرائيل عن تقديم المساعدة لتقوية مؤسسات السلطة الفلسطينية، بل على العكس، عملت على إضعافها. ومثال واحد على ذلك، يثير الاستغراب، هو حقيقة أن رئيس الحكومة الحالي ايهود اولمرت لم يجد من الصحيح خلال الأشهر الأخيرة، أن يلتقي مع أبو مازن، مع أنه سبق وأن اعتُرف به من قبل اسرائيل والعالم كله بأنه الشريك المطلوب الذي يمكن التحدث معه.

يجب على الحكومة الاسرائيلية العثور سريعا على طرق لتحويل اموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، إلى أهدافها الأصلية. واحدى هذه الطرق، التي وُجدت الآن، هي نقل الاموال مباشرة من أجل شراء أدوية للمستشفيات في غزة، ودفع رواتب الموظفين التابعين للسلطة. ومن المؤكد أنه توجد مسارات شبيهة إضافية، ذلك أن الأمر لا يتعلق بمساهمة منا للفلسطينيين، بل بأموال تعود لهم وتخصهم..