ليس من قبيل الاجتهاد او.. التحزير القول ، بأن الرهان الاسرائيلي المدعوم اميركيا ، كان.. ولم يزل.. ولم يزل ، معقودا على.. الحرب الاهلية الفلسطينية بحيث يتكفل الفلسطينيون انفسهم بتصفية بعضهم بعضا وصولا بالشعب الفلسطيني او ما تبقى منه ، الى حالة من اليأس والكفر لا يكون فيها درب للخروج منها الاّ.. بالاستسلام والقبول بكل ما «يتكرّم» به الغزاة المغتصبون من فتات وطن وحقارة عيش مجبول الرغيف بالذلة والهوان والانسحاق النفسي،،.. وقد اعترف بهذا علنا ، الجنرال باراك رئيس اركان الجيش ، عام 1994 في محاضرة له في تل ابيب،،.

ومع ان مقوّمات الصحة ومقدارها في هذا الرهان ، لا تتوقف على ما يقول باراك او يزعم رابين وشارون وبيرس وانما.. على ما يفعلون وينفذون من اعمال ومخططات على الارض ، الاّ ان جهود العقلاء وحكمة الغيارى لدى الكثيرين من رموز النضال الفلسطيني والفصائلي حالت دون نجاح الرهان الاسرائيلي بعد ان بلغ الانزلاق ببعض تلك الرموز درجة متقدمة، ،

واذا كانت درب السلامة لها علامة ، كما يقول المثل الشعبي ، فان المراقبين الواعين ، لم يكونوا بحاجة الى نعمة النبوّة ، لادراك ان اتفاق اوسلو ، بالرغم من كل ما اشتمل عليه من ثغرات بل.. اخطاء وخطايا وتنازلات واعترافات ، ليس له من نصيب للتطبيق في ظل هذه الصورة التعيسة للاوضاع الفلسطينية والعربية والعالمية،،.. وبذريعة وراء ذريعة تملّص الاسرائيليون من اوسلو وانقلبوا عليها بل دفنوها واشبعوها موتا،،. وخلال كل هذه السنوات التي اعقبت اوسلو 1993 ، ظلت الحكومات والاحزاب الاسرائيلية تواصل اغتصابها للارض و (تطهيرها) من اصحابها بشتى السبل: قتلا وقمعا وسجنا وتشريدا وخنقا للحياة الفلسطينية فوق الارض المحتلة،،. وعندما رفض الرئيس عرفات وبقي مصرّا على وجوب تنفيذ الاسرائيليين تعهداتهم والتزاماتهم حاصروه وقيدوا خطواته وانفاسه ثم لم يترددوا في اغتياله ، بذريعة ان وجوده واستمراره يمنع الوصول الى.. السلام،،. الأدهى من هذا والانكى.. ان بعض الرموز الفلسطينية انجرفوا بالخديعة والذريعة الاسرائيلية ، وصدّقوا ان «.. دكتاتورية» عرفات وما سمّوه آنذاك «عقدة الرئاسة» هي العائق امام نجاح «المفاوضات السلمية»،،.
وتوالت الايام.. وجيء بمحمود عباس رئيسا ، ومحمود عباس معروف بارائه ومواقفه المناهضة على طول الخط ، لما سُمّي «عسكرة الانتفاضة». فبماذا.. قابله الاسرائيليون؟،، وهل تجاوبوا مع مساعيه السلمية ، تجاوب الفصائل الفلسطينية المقاتلة؟،،.

كل هذا معروف ولا يحتاج الى شرح وتفصيل مثلما لا يحتاج نجاح حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة ، الى المزيد من التحليل والتعليل للاحاطة بدوافعه وغاياته ، فالشعب الفلسطيني ليس ، ولم يكن قطيعا.. مجرد قطيع يُساق نحو اي وجهة ، وعبر اي نهج ، لكي يتوهم بعض رموز السلطة انهم هم ، وليس سواهم ، اصحاب القطيع واصحاب الحق في كل شأن متصل بالقطيع،،.
الحديث هنا.. طويل ومتشعب ولا نريد ان نفتح جراحا ولا ان نزيد في دق اسافين التباعد. ولكننا من حيث المبدأ ، او.. التجارب والوقائع ، نرفض رفضا قاطعا وحاسما ، هذا التحالف غير المكتوب بين اطراف فلسطينية وعربية واسرائيلية واستعمارية غربية ، حول اعتبار حكومة حماس وحركة حماس ومواقف حماس ، هي... المشكلة ، وهي العائق.. وهي السبب في تجويع الشعب الفلسطيني ومحاصرته بالدواء والغذاء ،

بل.. لا يجوز ولا يصح ابدا ، ان تغدو معاناة الفلسطينيين ومكابدتهم وصبرهم وسمو تضحياتهم ، اسبابا لهذا الوضع ، ومبررات.. لادانة ارادة الشعب الذي انتخب ممثليه، ،
المشكلة.. حقيقة المشكلة ، اسبابا وغايات ، هي... الاحتلال ، اما الذهاب الى تزييف هذه الحقيقة الناصعة المجربة ، فليس من شأنه الا تعزيز مواقف الغزاة ومساندي باطلهم واجرامهم، ،
ثم.. من قال ، ان... ما يسمونه التعنت وصلابة الموقف لدى المطالبين بالحق والعدالة ، لا يفيد ولا يخدم ولا يقوي منطق وحجج «حكماء الواقعية» الداعين الى التذرع بضرورة التقيد بشريعة الغاب التي اصبحت تسمى هذه الايام.. الشرعية الدولية؟، ،

في تاريخ الحركة الصهيونية واسرائيلها ، كان هناك جابوتنسكي وشتيرن وبيغن وشامير وديان ونتنياهو وشارون ، واخرهم ، وليس اخيرهم ، اولمرت وموفاز ، وكان هناك ايضا من يختلفون معهم على الاساليب والمناهج ، مثل حاييم وايزمن وبن غوريون وشاريت ورابين وغاليلي وايجال ألون وباراك ، ومع ان الخلاف والاختلاف بين اتباع هذين النهجين بلغ احيانا حد الاقتتال ، الا ان غايتهم ظلت واحدة بل انهم عمدوا الى استغلال هذا الخلاف والاختلاف لخدمة قضيتهم القائمة على الغزو والاغتصاب والارهاب والقتل، ،

فلماذا اذن.. لماذا لم يحاول «حكماء الواقعية» و«الشرعية الدولية» عندنا ان يترفعوا عن انانياتهم قبل ان تقودهم الاوهام وبهارج السلطة والنفوذ وزخرف الدنيا الى التأمل والتدقيق في اختيار الاسلوب والمنهج؟، ،
على الجميع.. ابدا الجميع ان يظل واعيا بان المطلوب هو رأس فلسطين كلها ، لا هذا الفصيل او... ذاك، ،