اعتبرت واشنطن امس ان مذكرة الجلب جبراً بحق النائب وليد جنبلاط والتي ارسلتها دمشق للانتربول "خطوة استفزازية"، داعية سوريا لتطبيق قرارات مجلس الامن واقامة سفارة في بيروت، كما شنت هجوماً عنيفاً على دمشق، متهمة اياها بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الانسان عبر حملة الاعتقالات الاخيرة التي شملت خصوصاً موقعين على اعلان "بيروت دمشق"، وطالبت بالافراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، في الوقت الذي اعلن عن توجيه تهمة "السعي الى قلب النظام السوري" الى الناطق باسم "مركز حريات" للدفاع عن الصحافة والصحافيين المحامي انور البني المضرب عن الطعام منذ اعتقاله الاربعاء.

ورداً على سؤال عن مذكرة الجلب جبراً بحق جنبلاط التي سلمتها سوريا للانتربول، اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك انها "خطوة استفزازية"، مضيفاً "أجدى بهم أن يرتبوا أمورهم الداخلية قبل اطلاق مذكرات جلب في حق مسؤولين سياسيين في لبنان".
وقال "اعتقد ان الحكومة السورية يجب ان تركز اكثر على الالتزام بالقرارات الدولية العالقة الموجودة الان".
واوضح "يجب ان يتخذوا خطوة اولى ويفتحوا في الواقع سفارة في بيروت، وهو امر فشلوا في القيام به حتى الان، وامر طلب اللبنانيون منهم القيام به".

وقال ماكورماك ان الحملة السورية ضد ناشطي المجتمع المدني تسبب قلقاً بالغاً للولايات المتحدة، موضحاً ان "توقيف المحامي الناشط في مجال حقوق الانسان انور البني والناشط المعارض ميشال كيلو هما فقط مثلان جديدان على انتهاك سوريا الصارخ لحقوق اولئك الذين يسعون للتعبير عن آرائهم سلمياً".
وتابع الناطق الاميركي ان هذه التوقيفات تظهر ان السياسات الداخلية للحكومة السورية تستمر في ابعاد هذه الحكومة عن باقي المجتمع الدولي. وقال "التوقيفات من دون مذكرات توقيف والاحكام من دون دليل هي وسيلة غير مقبولة لمعالجة الانشقاق السياسي. الولايات المتحدة تواصل دعوة سوريا للافراج الفوري وغير المشروط عن كل السجناء السياسيين في سوريا".

ورداً على سؤال عما اذا كانت واشنطن ستفرض عقوبات جديدة على سوريا، قال ماكورماك ان ليس هناك خطط فورية لذلك، غير انه اوضح ان صناع السياسة في الولايات المتحدة يواصلون تفحص الامر "لرؤية اذا كانت اجراءاتنا كافية للوصول الى التأثير المرغوب فيه".

في غضون ذلك اعلن رئيس المنظمة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم الريحاوي ان "البني يواجه تهمة الانتماء الى جمعية سرية تهدف الى قلب نظام الحكم وهي تهمة لم توجه الى باقي المعتقلين"، معتبرا ان الامر "يثير القلق".
وواجه البني التهم الموجهة الى بقية النشطاء الذين تم اعتقالهم، والتي راوحت بين تهديد السلم الاهلي واثارة النعرات الطائفية والحض على حرب اهلية.

ونقل الريحاوي عن مصدر مسؤول اجتمع معه قوله ان "المعتقلين ستتم ادانتهم والحكم عليهم ثم سيصار الى الافراج عنهم لاحقاً بعفو خاص من الرئيس بشار الاسد"، مطالبا "السلطات السورية باغلاق ملف الاعتقالات بشكل نهائي والعودة الى الحياة الدستورية والقانونية والانفتاح على المجتمع واللجوء إلى الحوار كوسيلة وحيدة تليق بنا كسوريين لمعالجة مشكلاتنا الداخلية".
واعلن عضو مجلس ادارة المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا انه قام الاثنين الماضي بزيارة البني والمعتقلين الثمانية الاخرين الذين تم توقيفهم الاسبوع الماضي على خلفية توقيعهم اعلان "بيروت دمشق" الذي يطالب بتصحيح جذري للعلاقات اللبنانية السورية واقامة علاقات متوازنة مع لبنان.
وقال ان البني المعتقل مع رفاقه في سجن عدرا (30 كيلومترا شرق دمشق) اكد له انه مضرب عن الطعام منذ اعتقاله احتجاجا على توقيفه. واكد ان اثنين من المعتقلين الآخرين قالوا انهم تعرضوا للضرب.

وكانت السلطات السورية اعتقلت الاسبوع الماضي تسعة ناشطين على خلفية توقيعهم اعلان بيروت دمشق ابرزهم البني والكاتب والصحافي ميشال كيلو واحيلوا جميعا على القضاء العادي.
واصدرت "لجان احياء المجتمع المدني" بيانا وجهته الى الرأي العام السوري اشارت فيه الى ان "السياسة الامنية في سوريا عادت في الآونة الأخيرة الى سابق عهدها، بعد ان كانت تحاول تجميل نفسها بعض الشيء، لتضرب مجددا وبقوة كل مظاهر الحراك الوطني الديموقراطي في سوريا، من خلال حملة اعتقالات هي الاوسع منذ اعتقالات ربيع دمشق 2001".

واكد البيان ان "جميع الاعتقالات السابقة والحالية تفتقر الى اي مسوّغ قانوني أو سياسي، وتمثل انتهاكا خطيرا لجميع الاتفاقات والعهود التي وقعتها الدولة السورية والتزمتها".
وفي لندن ينظم معارضون سوريون اعتصاما امام سفارة سوريا في الاول من حزيران (يونيو) تضامنا مع معتقلي الرأي في سوريا ولمناسبة الذكرى الاولى لاغتيال الشيخ محمد معشوق الخزنوي، فيما هدد معارض سوري بمحاصرة السفارات السورية في اوروبا بالتظاهرات السلمية.

وابلغ الامين العام للتيار السوري الديموقراطي محيي الدين اللاذقاني وكالة "يونايتدبرس انترناشيونال" ان "المعتصمين من جمعيات حقوقية وتنظيمات سياسية مختلفة ومن ابناء الجالية السورية في لندن بعربها واكرادها وسيطالبون بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في مقتل الشيخ الخزنوي الذي اغتاله النظام السوري قبل عام ثم لفّق مسرحية تحقيق تلفزيونية لم يصدقها أحد عن ملابسات ذلك الاغتيال".

وحذّر من ان "قوى المعارضة السورية في اوروبا قادرة على محاصرة السفارات السورية في جميع انحاء اوروبا بالتظاهرات السلمية والاعتصامات المستمرة الى ان يستجيب النظام لهذه المطالب ويسمح للمواطن السوري بالمشاركة في صنع القرار في هذه المرحلة الحرجة ويمهد الطريق امام مؤتمر مصالحة وطنية تنقذ سوريا من رياح الفتنة التي هبت على جيرانها".