نضال الخضري

كدت أن أولد!!! دون استغراب او مقدمات ... فهناك فارق بسيط بين وجودي وولادتي، لأنني أقترب نوعا ما من ألوان الطيف لكنني لا أراها، وعندما استطعت تلقى البصيص الأول تم استعادتي إلى قلب الأرض ... فأنا اكتشفت ولادتي ناقصة لحظة المراهقة، وتعرفت ببطء شديد على التشوهات التي زُرعت على جسدي .. كدت أن أولد ثم انتابتني المعرفة أو رغبة استكمال الولادة في لحظة المراهقة.

عالم الذكور كان يحاصرني حتى في تفكيري .. فأحمل الرغبة في العشق لكنني لا أعرف أين أضعها، ولماذا يلاحقني الجميع بالنظرات بينما يشقني الألم من عسر الولادة فتستمر الولادة دون نهاية وأغرق في البحث عن استكمال البقاء حتى أنساه مع تكرار عمليات الإنجاب .. أو الصورة التي تستلقي على فراشي واكتشف ان المراهقة خلفي رغم السنوات القليلة التي تفصلني عنها.

في لحظات المراهقة السريعة يجن جسدي ... تفور المسامات وربما ينتفض عقلي على الولادة الناقصة فأرسم عالما لازوردي الملامح، لأكتشف في النهاية أن المسألة أعقد من ارتكاب "الحماقات"، وان عشقي عاجز عن تجسيد صوره الجديدة لأنني أقف على حدود من اصطناع العفة، أو رهبة الأنوثة في معانقة الخصب.
مراهقة عبثية ... ربما لأنها لا تحمل سوى فورة لحظات تنتهي على أطراف الحدود المهملة لكل القضايا التي تعلق على وجهي .... فانتشي من الألم أو الحقد أو حتى الرغبة في امتلاك المراهقة التي تقاومني كل لحظة.

في سطوري المنسية أسجل بضع جمل عن مراهقة عبثية لم أعرف منها سوى ملاحقة النظرات، أو تبادل الأسرار التي انتهت سريعا أمام رغبات الذكور ... واكتشف أن سنوات قليلة لا تكفي لإعادة ولادتي، بل لا بد من تكرار التجربة كل لحظة .. لأن المراهقة خلفي مليئة بالوعظ والإرشاد والترغيب والترهيب والنصائح والخوف من الغلط ... وما بيني وبين المراهقة زمن قصير ... لكنني ركبته على شاكلة الحساب الضوئي فأنساه بعد دقائق لأكتشف أنني عاجزة عن الولادة والتواجد على محيط البشرية أنثى بكل ما تملك.
لن أقول وداعا لها ... لمراهقة لم تكتبني كما أريد لأنها رحلت غصبا عني واختصرتها ذكورة الحياة ثم تركتني دون أن استكمل الولادة ... الوجود ... الرغبة في الحياة.