العربية نت

قال المحامي أكثم نعيسة، الناشط السوري البارز في مجال حقوق الإنسان، إن السلطات السورية تتعامل مع المواطنين وفق منطق الدولة البوليسية وليس دولة القانون، كما استخدمت أسلحة سوفيتية ضد شعبها، مشيرا إلى وجود آلاف المفقودين والسجناء السياسيين، فضلا عن اتباع سياسة خارجية "تعمل وفق آليات قديمة عفى عليها الزمن".

وفي حوار خاص من دمشق، شنّ أكثم نعيسة، الذي سبق له أن تعرض للاعتقال عدة مرات على خلفية نشاطه السياسي والحقوقي، هجوما عنيفا على السلطة والمعارضة في سوريا، مشددا على أن سوريا لازالت تحكم من قبل حلقة ضيقة متماسكة.

إلا أنه أيضا انتقد قوى المعارضة السورية بشدة وقال إن جماعة الإخوان المسلمين انضمت إلى إعلان دمشق لقوى المعارضة السورية وهو إعلان يحول سوريا إلى دولة طائفية.

وقال نعيسة إن "السلطة حتى الآن تتعامل مع المواطنين وفق منطق الدولة البوليسية ولا تتعامل معهم وفق دولة القانون والتجاوزات لا زالت موجودة وكثيرة ولا زالت البوابة الأمنية تعتبر بوابة أساسية للدخول في حوار مع السلطة وفي نظري يجب تبديل البوابة الأمنية ببوابة سياسية".

وأشار إلى مطالب حركة حقوق الإنسان السورية بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومنح الحريات العامة للناس، لافتا إلى وجود "ملفات في نظرنا لو نوقشت وحلت فستقود إلى مصالحة حقيقية وطنية ومن بعدها تقود إلى وحدة وطنية في بلدنا، وهذه المطالب كلنا متفقين عليها سواء كانت منظمات حقوق الإنسان أو المعارضة بكافة أشكالها وهناك تيارات في حزب البعث لا تعلن عن نفسها موافقة عليها وهذه المطالب هي إلغاء حالة الطوارئ والدعوة للتعددية وضرورة ظهور قانون للأحزاب والافراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقال التعسفي وحرية التعبير والرأي وحرية الصحافة ومعرفة مصير المفقودين الذين يصل عددهم في بعض الاحصاءات إلى 30 ألف شخص وحل قضايا المنفيين في الخارج والمجردين من حقوقهم المدنية والتي يقال بأنهم يصلون إلى 250 الف شخص".

ودعا إلى "ضرورة حل قضايا الأقليات كالأكراد والتركمان وغيرهم وهذه في نظرنا ملفات تشكل بوابات لإجراء أي مصالحة حقيقية وطنية وفي نظري على المستوى القريب لكن يكون هناك تغييرات جذرية في سوريا، ولكن على المدى البعيد ستحقق هذه المطالب شئنا أم أبينا، لأنه لا يمكن أن نسير نحو الأمام والأفضل إلا بتحقيق هذه المطالب التي تلبي مصلحة الشعب والدولة السورية".

وتابع: "هناك فترة في سوريا قمع الناس فيها بشكل وحشي، وهي فترة أواسط السبعينات إلى أواسط التسعينات وكان القمع غير طبيعي، والآن تراجعت هذه الأساليب القمعية شكلاً ولكن بقيت آليات القمع قائمة وحتى اللحظة لا يسمح لخمسة أشخاص بالتجمهر والاجتماع ولا يزال الاعتقال التعسفي قائم وحالة الطوارئ مستمرة ولا يوجد قانون أحزاب ولا يوجد قانون جمعيات حقيقي والجمعيات والأحزاب إلى الآن غير مرخصة والآليات الأساسية للقمع موجودة ولكنها تلطفت قليلاً، وكان لدينا مثل شائع عن من يدخل للمعتقل يقول (الداخل مفقود والخارج مولود) الآن القبضة الأمنية تراجعت قليلاً عن السابق، ولكن الأجهزة الأمنية لا تزال تعمل بروح غير مسؤولية وهذا لا علاقة له بالقرار السياسي".

وقال إن "حزب البعث هو القوة السياسية المحددة في المجتمع السوري وبالعملية السياسية السورية ومن يغفل عن هذه الحقيقة أنا اعتقد انه لا يمارس العمل السياسي".

وردا على سؤال فيما إذا كانت السلطة تخشى في ظل حدوث الانفتاح أن تتلاشى قوة حزب البعث المهيمنة في سوريا، أجاب "لا اعتقد انه سيتلاشى اذا قام حزب البعث بتغيير مشروعاته السياسية، المبينة على أرضية الوحدة والحرية والاشتراكية وهذه الأفكار والمشاريع الكبرى الطوباوية، الى مشاريع لها علاقة بتوازنات القوى وبمطالب القوى واحتياجات الشعب السوري فسيكون له مؤيدوه ولن يتلاشى على العكس سيكون أحد الاحزاب القوية الموجودة على الساحة السورية".

ووصف نعيسة السياسة السورية أنها "تتعامل بعقلية الحرب الباردة وتعمل بغباء وهي لا تتعامل مع العالم وفق قواعد وموازين القوى الدولية، والعالم تغير وفرض قواعد جديدة يجب أن نعرفها ونسير وفقها وهذا يستلزم تغيير آليات عملنا السياسي الخارجي ويستلزم وجوه جديدة".

وأوضح "مثلاً السيد فاروق الشرع منذ 20 سنة يقود السياسة الخارجية السورية من كارثة لأخرى ورغم ذلك حالياً تم استبداله بالسيد وليد المعلم وهو تلميذه وسيعمل ضمن نفس المدرسة والسياق، وفي نفس الوقت فاروق الشرع الآن هو نائب الرئيس للشؤون الخارجية وهذا شيء مؤسف، وسياستنا تعمل وفق آليات قديمة عفى عليها الزمن وعليهم تطويرها وتحديثها إذا أرادوا للبلد السلامة".

ويتحدث نعيسة عن موقفه من انشقاق عبد الحليم خدام على النظام السوري وتحوله للمعارضة، قائلا: "بالنسبة لي عبد الحليم خدام جزء من النظام وهو مسؤول بشكل مباشر عما كان يجري خلال الـ35 سنة الماضية. وفي نظري هو أحد الفاسدين في سوريا. وكلنا يعرف أنه أحد الذين اضروا بصحة الشعب السوري من خلال ما ادخل ودفن في بعض مناطق سوريا من نفايات نووية.

وهنا اقول لأعضاء مجلس الشعب الذي تحدث في لحظة فورة عن فساد عبد الحليم خدام وبعد ذلك صمت الجميع فلماذا لم تفتح ملفات الفساد في سوريا عامة ومن ضمنها ملف عبد الحليم خدام. كلنا يعلم انهم تحدثوا عن نفايات نووية ولكن لماذا لم يقوموا بتحقيق رسمي في هذا الموضوع لكشف الحقيقه. ملف خدام كله اغلق فجأة واعتقد أن خدام لديه مستمسكات على جل رجالات السلطة في سوريا لذلك هم يخشون فعلاً مواجهته ولذلك تم السكوت عن موضوعه".

ودعا نعيسة المعارضة السورية إلى عدم الالتقاء بـ"خدام"، مشيرا إلى أن "لقاء علي صدر البيان البيانوني مراقب عام الإخوان المسلمين في سوريا مع خدام كان خطأ قاتلا واساء للمعارضة ونحن نطالب خدام بالاعتذار عما قام به ونطالب بمحاكمته". كما نطالب الإخوان المسلمين بالاعتذار عما فعلوه سابقاً لأنهم اذوا الشعب السوري بحملهم للسلاح في الثمانينات".

ولفت نعيسة إلى أن مصداقية الإخوان المسلمين تراجعت مؤخراً لسببن: "لأنهم انضموا لإعلان دمشق وموافقتهم على البند الأول اعلان دولة طائفية في سوريا، وصحيح لم يذكر بشكل صريح لكن كلنا فهم ذلك وهم يريدون محاكمة الناس على حسب عقائدهم. وثانيا هم اخطأوا وفقدوا الكثير من مصداقيتهم عندما مدوا يدهم لعبد الحليم خدام ولهذا نحن بدأنا نشك في مصداقية مشروعهم الحضاري الذي دعوا له ولم يكونوا صادقين في ما يقولونه".

وقال "إن خدام بانشقاقه وتصريحاته النارية وجه صفعة قوية للسياسة السورية، وما قام به اثر كثيراً على النظام، لكن السلطة ستستطيع تجاوز ما جرى لأن سوريا تحكم من قبل حلقة ضيقة وهذه الحلقة الضيقه قوتها في تماسكها، خطورة خدام انه كان واحداً من هذه الحلقة الضيقة وهو انشق عليها والكثير من ضباط الامن الذين كانوا يحكمون سوريا سابقاً هم حتى اليوم هم ممن يقررون سياسات سوريا الداخلية والخارجية".

كما أسهب أكثم نعيسة بالحديث عن لقاءاته مع جماعة الإخوان المسلمين في لندن، وقال: "ما سمعته من قيادات الإخوان المسلمين في الخارج ومنهم علي البيانوني حيث قالوا لي نحن كتنظيم ليس لنا وجود تقريباً في سوريا.

وأكدوا أن التيارات الراديكالية الاكثر تطرفاً هي من تحتكر الشارع حالياً. وهذا الكلام صحيح لأن الشارع السوري غير منظم وفي تقديري عندما تتاح الفرصة للناس وفي لحظة ضعف السلطة ستكون مجموعات هائلة من الناس منضوبة تحت تيارات جهادية والكثير سيتبعون تيار الإخوان المسلمين لأن هناك مناخ ملائم ومهيء لنجاح هذه التيارات في ظل الظروف الراهنة".

وتابع "عندما قدمت من لندن قلت بأن الإخوان المسلمين قد يكونوا قوة ديمقراطية في سوريا وهذا الرأي توصلت له بعد حوار طويل مع البيانوني وقيادات الإخوان وبناءً على مشروعهم الذي قدموه، لكن رأيي تغير الآن بعد الكذب والنفاق السياسي الذي بدر منهم، وانا متخوف منهم ومن برنامجهم واكتشفت أنهم ينوون اقامة دولة دينية طائفية في سوريا، ومواقفهم الأخرى خلقت تخوفات لدى ابناء الطوائف الأخرى وعند الشارع السني المنفتح منهم. وهم الآن مطالبون بتوضيح مبني على وثائق وادلة يعيد لهم مصداقيتهم لدى الناس".

في موضوع آخر، تحدث أكثم نعيسة عن جهوده خلال عام كامل من أجل تشكيل ائتلاف ديمقراطي دون نتيجة لافتا إلى أنه لا توجد في سوريا معارضة تعمل سياسياً بالمعنى الراقي للكلمة وكل له توجهاته الخاصة وأسبابه التي جعلته يتحول للمعارضة وحتى الإخوان المسلمين هم ضعفاء متشرذمون.

وقال: "انظر الى إعلان دمشق إنه يدعو للشفقة. لا يزال العقل الاستبدادي عندنا يلغي الآخر سواء في السلطة والمعارضة ولا يقبل أي حزب مهما بلغ حجمه ان ينضوي تحت جناح حزب آخر. أحيانا ينسحب حزب لأن اسمه لم يذكر في مقدمة القائمة وهذا شيء يدعو للضحك. حتى الآن لا زالت المعارضة تحبو في العمل السياسي وهي بحاجة لتجربة كبيرة لترقى في عملها ليكون عمل سياسي معارض سلمي حقيقي".

وعن تمويل المعارضة، أوضح "بالنسبة للتمويل إذا تم التصريح به فأنا لا أرفضه، وهنا توجد مفارقة غريبة فعندما كان يعرض الاتحاد السوفيتي مئات الطائرات والأسلحة الفتاكة على النظام كان هناك من يهلل ويصفق لهذه المساعدات وكانت تعتبر بأنها مساعدات للشعب السوري، بينما كل هذه الأسلحة وكل الخبرات التي نقلت للمخابرات السورية من الاتحاد السوفيتي استخدمت ضد الشعب السوري ولم تستخدم ضد العدو مع الأسف".

وتابع "لكن هذه المفارقة عندما تعرض أمريكا مساعدات يعتبرونها تدخل في الشؤون الداخلية وعندما يعرض الاتحاد السوفيتي مساعداته يعتبرونها مساعدات للشعب، وحتى الآن لم نتلق أي تمويل خارجي وقد يكون هناك من تلقى مساعدات معينة لكننا نحن في لجان الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان لم نتلق أي شيء مع أنني اوافق على موضوع التمويل الخارجي وأرى انه ايجابي اذا لم تفرض من خلاله أجندة للتدخل في شؤوننا وإذا لم يكن مشروطاً".

وأشار إلى وجود "جمعيات في سوريا تلقى تمويلا خارجيا من قبل الاتحاد الأوروبي ومن قبل السفارة الكندية في دمشق وسفارات غربية أخرى.

وأوضح نعيسة: "هناك نشاطات حكومية في سوريا تتلقى مساعدات خارجية وهذا في نظرهم لا غبار عليه في حين أنه عندما يتم تمويل جهات خاصة خارجية يتم اتهامها مباشرة بالعمالة والارتباط بأجندة أجنبية. الآن تمول منظمة (فريدوش نيومان) وهي منظمة منذ ثلاث سنوات سابقة كانت تعتبر من المنظمات الموجودة على القائمة السوداء السورية ولها علاقات مع إسرائيل حاليا لها ممثل داخل سوريا وتمول مشروع وقد مولت قبل عامين مؤتمراً في دمشق. إذاً هناك تمويل خارجي سواء من قبل الحكومات أو المنظمات أو المفوضية الأوروبية وهي تمول مشروعات لها علاقة بالمجتمع المدني في سوريا ويتم التعتيم الاعلامي على اشكال التمويل هذه. وعندما يتم تمويل أي جمعية غير حكومية لا تخضع للسلطة يتم النعيق والبعيق ضدها واتهامها بكل التهم غير اللائقة".

وفيما إذا كانت هناك بدائل للنظام السوري، يجيب نعيسة: "لن تفكر أي دولة بمساعدة اعادة هيكلية لسوريا والمساهمة في تغيير النظام ما لم يكن هناك بدائل لهذا النظام لذلك انا اعتقد أنه لا احد يفكر من خارج سوريا سواء كانت امريكا او غيرها بتغيير هذا النظام ولا أحد يراهن على هذا الوهم. لا شك هناك ضغوط وهناك آليات تفكيك طويلة المدى لكن ليس بالمعنى الذي كان الناس يتوقعونه أو كما بني إعلان دمشق الذي اعتمد عليه ميليس وكأن النظام سيسقط غداً. هذا في نظري وهم وخرافة ويشير الى ضحالة التفكير السياسي عند المعارضة".

وتابع "هذا هو الواقع وهذه المعارضة ستبقى على هذا الحال ما لم نطرح ان على هذه المعارضة والاحزاب الكلاسيكية ان تعيد النظر في مشروعياتها السياسية والان هناك كثير من التطورات التي جرت خلال 15 سنة الماضية تحديداً خلال الخمس سنوات الماضية، ومع ذلك برامج هذه الاحزاب لا تزال كما هي قديمة ولم تتطور لتواكب المعطيات السياسية القائمة وانا ادعو القوى الديمقراطية التي تعمل في سوريا والتي لا تزال ضعيفة ان تتحد لتكون ورقة ضغط على السلطة وعلى قوى المعارضة من اجل تبديل وتغيير مشروعايتها، وانا اعتقد اذا قويت قوى الديمقراطية في سوريا فإنها ستعطي قوة دفع حيوي حقيقي للحركة السياسية والعملية السياسية في سوريا".

وانتقل الناشط الحقوقي أكثم نعيسة للحديث عن وضع منظمات حقوق الإنسان في سوريا، مذكرا بوجود جمعيات لحقوق الإنسان في سوريا "تعمل منذ عدة سنوات وعملها عموما كان ضعيفا لحين أنشئت لجان الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان التي شكلت منعطفا هاما في عملنا وبالرغم من أن السلطات قد ضربت هذه اللجان عام 1991 و1992 لكنها ما لبثت ان عادت للعمل من جديد وبدأت تتعاون مع الجمعيات الأخرى العاملة في هذا المجال وحاليا يوجد في سوريا عدة جمعيات ومنظمات لحقوق الإنسان وكل منها تعمل على حده وكلها لم تخرج من دائرة الايديولوجيا بمعنى أن لكل حزب نقاباته وجمعياته الخاصة بحقوق الانسان وقد حدث تطور مهم على عمل هذه الجمعيات نتيجة انتشار ثقافة حقوق الانسان في سوريا".

وحول تشكيك البعض في استقلالية منظمات حقوق الانسان العاملة في سوريا واعتقاد البعض الاخر أنها تعمل بالاتفاق مع السلطة ، يقول نعيسة: "هذا العقل الاتهامي والتكفيري مرفوض البعض يطلق هذه الاكاذيب للاساءة لعمل هذه التنظيمات النزيهة وهذا العقل الاتهامي هو اخطر ما نعاني منه في بلادنا العربية، هذه التنظيمات عانت كثيرا من السلطة وسجن نشطاء حقوق الانسان لمدد تصل لعشر سنوات مع الاشغال الشاقة فهل يعقل ان يكون هؤلاء عملاء لأجهزة الأمن. كلامهم هذا يدعوا للشفقة".

وعن ابرز الضغوط التي تواجهها جمعيات حقوق الانسان والعاملين بها في سوريا، يقول: "إلى عام 2004 كان هناك ضغط مباشر على نشطاء حقوق الإنسان وكانت الاعتقالات مكثفه. حاليا تراجعت قليلا لكن لا يزال هناك اعتقالات ومراقبه للهواتف وللبريد الالكتروني ويتم منع اجتماعات العاملين في هذا المجال ولا زلنا نعمل بلا ترخيص رسمي ولا زالت الاستدعاءات الأمنية متكررة للعديد من النشطاء ولا زلنا نعاني من حالات القمع المتعددة ونتهم باننا عملاء مأجورين لجهات أجنبية فكل هذه ضغوط تحد نوعا ما من عمل لجان حقوق الإنسان في سوريا".

وحيال نظرة السلطة لمنظمات حقوق الإنسان أنها تعمل لصالح جهات خارجية، يرد نعيسة: "للأسف هذه التهمة نواجهها من قبل السلطة ومن قبل المعارضة الأصولية الكلاسيكية العلمانية ذات البعد القومجي المغلق، حيث نعتبرها وجه آخر للسلطة ولديها نفس الفكر الاستبدادي. المعارضة تتهمنا بالعمالة للسلطة. والسلطة من جهتها تتهمنا بالعمالة للخارج ونحن دائما نؤكد أننا لا نعمل ضمن أجندة أجنبية نحن لدينا تنسيق مع منظمات حقوقية عالمية نزيهة وهي منظمات الفيدرالية والشبكة الأوروبية المتوسطية ومنظمة مناهضة التعذيب وهيومان رايتس ووتش وهي منظمات معروفة بمواقفها المشرفة معنا وهذه المنظمات تعمل بكثير من الموضوعية سواء على الساحة العربية أو الدولية وبالتالي ما يقال من اننا نعمل وفق اجندة أجنبية كلام فارغ لا أساس له من الصحة".

وقال مستطردا "نحن نطالب بالتراخيص لكي نعمل بحرية، نحن نعامل من قبل الجهات الدولية على أساس اننا نمثل منظمات حقوقية تعمل في مجال حماية حقوق الإنسان إما في داخل سوريا فيتم التعامل معنا بصفتنا كاشخاص نخالف القوانين وسياسيا يتم التعامل معنا على أساس اننا نعمل ضمن منظمات تناهض سياسة الدولة الداخلية مع الناس وممارستها القمعية ضدهم وانا شخصيا أرفض أن ناخذ أي ترخيص في ظل قانون الجمعيات الحالي لأنه قانون يدعو للخجل وهو عار في الحقيقة على كل القوانين الحضارية التي تعمل ضمن الشان الإنساني".

ونفى أكثم نعيسة أن تكون أصوات منظمات حقوق الإنسان ترتفع أثناء الظروف السيئة التي تمر بها سوريا لزيادة الضغوط عليها.

وأوضح: "ابدا لم نقم باي اعتصام في الزمن الذي تزداد فيه الضغوط على سوريا. على العكس تماما نحن نتراجع عندما يتم اشتداد الضغط عليها الآن بعد ظهور تقرير ميلس لم تقم أي منظمة لحقوق الإنسان بأي اعتصام. نعم قبل ذلك كنا نقوم باعتصامات وعموما نحن عملنا سياسي وليس حزبيا والعمل في مجال حقوق الانسان يوجب علينا العمل في السياسية واستغلال الظروف المواتية لتحسين الاوضاع السيئة.

وتابع " وكونهم يرون اننا نمارس ضغوطا عليهم هذا شانهم والسلطات السورية بسياستها الغبية هي التي تستقدم هذه الضغوط ليس أكثر من ذلك وكان بإمكانها فعلاً الانفتاح على الوضع الداخلي وأن تقطع الطريق على الضغوط الخارجية بهذا الإطار وبالتالي قطع الطريق علينا وتحسين أدائها ومعاملتها للناس والشيء الطبيعي أن نعمل ضمن ظروف وموازين قوى وألا يكون عملنا فاشلاً".

ويعتبر المحامي أكثم نعيسة، من محافظة اللاذقية، الرئيس الشرفي حاليا للجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا، وكان عضوا مؤسسا في اللجان عام 1989 سجن 6 مرات، وعام 1991 حكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات من قبل محكمة أمن الدولة العليا بسبب نشاطه في الدفاع عن حقوق الانسان قضى منها 7 سنوات وكان آخر اعتقال له عام 2004، حيث اطلق سراحه في نفس العام بسبب تردي حالته الصحية في السجن في دمشق، وحصل على عدد من الجوائز الدولية في مجال حقوق الإنسان آخرها كانت جائزة "مارتن إينالز" الدولية العام الماضي.