ماذا يمكن ان يحصل بعد نجاح ايران في امتلاك ما يمكّنها من فتح طريق التأثير في العراق وسوريا وفي لبنان عبر "حزب الله"؟ سؤال اجاب عنه الخبراء انفسهم في الادارة الاميركية والوضع الاميركي عموما. قالوا: "لقد اصبحت سوريا شريكا للجمهورية الاسلامية الايرانية في استراتيجيتيها الاقليمية والدولية والبعض يقول جزءا منهما مع ما يعنيه ذلك من خفض للمرتبة السورية في التحالف مع ايران. وبسبب وضعها هذا كما بسبب موقعها الجغرافي فان ايران سوف تكون تهديدا جديا لعدد من حلفاء الولايات المتحدة ومن هؤلاء الاردن الذي يسهل التدخل فيه عبر حدوده المشتركة مع سوريا وبواسطة فئات سياسية وحزبية ودينية عدة. ومنهم ايضا لبنان الذي يشهد اساسا صراعا بين فريقين كبيرين من شعبه يسير احدهما مع الخط الايراني – السوري والآخر مع الخط الدولي واستطرادا الاميركي – الاوروبي. ومنهم السلطة الوطنية الفلسطينية التي تعاني ضغوطا داخلية كبيرة منذ تولي "حماس" الاسلامية السيطرة على الحكومة والمجلس التشريعي والتي لا بد ان تزداد مصاعبها بسبب التحالف المتين بين دمشق والفصائل الفلسطينية الرافضة هذه السلطة. ومنهم اسرائيل التي لا بد ان تحصد ثمار الارتباك الذي قد يعم عرب اميركا كما يقال. هذا فضلا عن مصر ودول الخليج العربية وفي مقدمهم السعودية".

هذا الواقع اذا نشأ سيضع في رأي الخبراء انفسهم الادارة الاميركية وتحديدا رئيسها جورج بوش امام خيارات بالغة الصعوبة وخصوصا اذا لم يحقق حزبه الجمهوري فوزا مهما في الانتخابات النصفية بعد اشهر. وهذه الخيارات ثلاثة. الاول، اجراء تغيير جذري يشمل الاساسيين في ادارته. والثاني، سحب الجيوش الاميركية من العراق بصرف النظر عن الوضع المتردي فيه. والثالث، ارسال مزيد من القوات الاميركية الى العراق وباعداد كبيرة بغية استعادة السيطرة التامة عليه.

ماذا سيكون دور سوريا في كل ذلك؟ وكيف ستواجه اميركا هذا الدور؟ وما هي الانعكاسات المحتملة له عليها؟

بداية يؤكد الخبراء الاميركيون انفسهم ان الادارة الاميركية الحالية وربما الادارة المستقبلية لن تسكت عن النجاحات المشار اليها اعلاه، بل ستواجهها ولكن على نحو غير مباشر من خلال سوريا وذلك انها تعرف ان النظام السوري صار جزءا لا يُستغنى عنه من الاستراتيجيا الايرانية وان خطره على محيطه صار كبيرا جدا. واي مواجهة ناجحة لسوريا قد توقف المشروع الايراني وتمنعه من التقدم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا بأي وسيلة سيتم التصدي لسوريا؟ هل بارغامها على تغيير سلوكها كما لا يزال الموقف الاميركي حتى اليوم ام بالعمل لتغيير النظام فيها؟ وهذا النوع من الاسئلة، الى اسئلة كثيرة اخرى، تحاول ايجاد الاجوبة عنها جهات معينة ومتخصصة في واشنطن، علما ان بعض هذه الجهات قد بدأ يميل، خلافا لموقفه السابق، الى خيار اسقاط النظام في دمشق او تغييره والى اقناع الادارة به باعتبار انه الوحيد الذي من شأنه تجميد ما تسميه المشروع التوسعي الايراني في المنطقة، ولا يهم هذه الجهات البديل من نظام الرئيس بشار الاسد وان كان متطرفا في حال تعذر وصول بديل معتدل. ولا يهمها ايضا اذا تسبب ذلك بنوع من الحرب الاهلية اذ ربما ساهم ذلك في بلبلة الجبهة الايرانية – السورية المتحالفة مع كل رافضي الغرب في المنطقة وفي الوقت نفسه الى المواجهة الفعلية مع ايران.

في اي حال، ينهي هؤلاء الخبراء، لا بد من انتظار تطور الامور ومعرفة اذا كان الرئيس بوش سيتخذ قرارات مهمة داخلية وخارجية قبل الانتخابات النصفية او بعدها بقليل، علما انه لن يستطيع ان يتأخر عن اتخاذها بعد هذه الانتخابات.