اهتمت الصحف الاسرائيلية أمس بالتحذير الذي اطلقه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع بدء الحوار بين الفصائل الفلسطينية، أنه في حال فشل الحوار سيلجأ الى استفتاء شعبي حول قيام دولة فلسطينية في حدود 1967. ورغم اعلان رئيس الحكومة الفلسطينية، رفضه تقديم تنازلات، يبدو أن فكرة الاستفتاء بدأت تشق طريقها. عن هذا الموضوع كتب داني روبنشتاين في "هآرتس": "بدا رئيس السلطة الفلسطينية جاداً وصارماً عندما وجه انذاراً الى زعامة حماس بأنه في حال عدم التوصل الى اتفاق خلال عشرة ايام، سيصار خلال 42 يوماً الى الدعوة لاجراء استفتاء شعبي. يهدف ابو مازن الى اقرار الخطوط الاساسية التي تضمنتها "وثيقة الاسرى" التي توصل اليها مروان البرغوتي وزعماء الاسرى من حماس وسائر الفصائل، ويعلن هؤلاء استعدادهم لقيام دولة فلسطينية ضمن حدود 1967عاصمتها القدس الشرقية. وما يطلبه ابو مازن هو جواب صريح وواضح من زعماء حماس بالموافقة على ذلك. يدل الكلام الحاد لأبو مازن في افتتاحه لمؤتمر الحوار بين الفصائل الفلسطينية في الضفة وغزة على اقتناعه بقدرته على احتواء حماس وحملها على الموافقة على الوثيقة.

كما يعتقد ابو مازن ان الجمهور الفلسطيني في غالبيته سيوافق على الوثيقة في حال حصول استفتاء عام حولها. والسبب معروف: فالدافع الاساسي وراء التأييد الذي حصلت عليه حماس في الانتخابات الاخيرة ليس مواقفها السياسية وايديولوجيتها الاسلامية المتشددة وانما تعهدها محاربة الفساد الذي طبع حقبة حكم فتح، ويرى الجمهور الفلسطيني في زعماء حماس وناشطيها صورة للإستقامة والحياة المتواضعة لذا صوتوا لهم.

هذه الحقائق يعرفها زعماء حماس جيداً. وعندما نستمع الى تصريحاتهم يوم اول من امس يبدو لنا جيداً انهم لا يرغبون في الانزلاق الى استفتاء قد يخسرون فيه. فلقد قال رئيس البرلمان عزيز دويك والناطق باسم الحكومة غازي حمد كل على طريقته ان لا مشكلة لديهما في التجاوب مع مطالب ابو مازن. وحتى رئيس الحكومة اسماعيل هنية قال ان لا فرق كبيراً بين المواقف السياسية للفصائل الفلسطينية. وزير الخارجية في حكومة حماس محمود الزهار الذي يعتبر مؤيداً للخط المتشدد للأمين العام للحركة خالد مشعل ادلى بتصريحات معتدلة لدى خروجه من لقائه مع الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي اقترح عليه اعلان حكومة حماس قبولها بقرارات القمة العربية في بيروت (القرار الذي وقع عليه ياسر عرفات ايضاً والذي يقر بالاعتراف باسرائيل في حدود 1967 وحل مشكلة اللاجئين).

لقد تهربت حماس حتى الآن من الاعتراف بهذا القرار، لكن الزهار قال اول من امس: "لا نريد الخروج على الخطة العربية. وقريباً جداً ستعلن الحكومة الفلسطينية موقفها في هذا الخصوص.وحتى لو قبلنا بالمبادرة فليس معنى هذا اننا نستجيب لمطالب الولايات المتحدة واسرائيل".