معاريف

بن كسبيت

بمنهجية وتواصل وإصرار يبرز نصرالله في اللحظة المناسبة، ويجد الذريعة المناسبة لمحاولة إشعال الشرق الأوسط. وهذه الشعيرة تنتهي دائما بنفس الطريقة: هرولة منبطحة من الأمم المتحدة الى الحكومة اللبنانية ومن ثم تشغيل الأميركيين للاتصال بالإسرائيليين، وفي اللحظة الأخيرة يتم منع الحريق الكبير من أجل تنفيذ نشرة قصيرة ثم يعود الجميع الى أذرع وقف إطلاق النار المؤقت والمحبب، بغض النظر عن التعب أو الرضى الى موعد الجولة القادمة.
هذه المشاكسات بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله على الحدود اللبنانية خطيرة، وهي تشبه مقاربة شعلة الكبريت إلى حاوية مليئة بالمواد المشتعلة. الحدود هشة جدا، وقذيفة واحدة تسقط على عدة أمتار من الهدف يمكن أن تشعل كل المحيط. دائما يسأل سؤال من بدأ. نصر الله سيقول إسرائيل، أما إسرائيل فتدعي أن الكاتيوشا التي إستهدفت جبل ميرون، سقطت عليها كالصاعقة في وضح النهار، وأنهم خرقوا قواعد اللعبة. وفي كلا الحالين فإن حزب الله يجبو الثمن وإسرائيل تسارع الى جبو الثمن. هذا هو اسم اللعبة على الحدود الشمالية، حيث الهدوء فيها هش ووهمي.
هذا الصباح جاء الحظ لعمير بيرتس، بمعزل عن المشاجرة التي خاضها أمس مع إيهود أولمرت، لكن هذا هو جدوله الناري مع نصر الله. بيرتس يراكم تجربته: لقد قام بإحباطات ناجحة وغير ناجحة في غزة ويهودا والسامرة، والآن يقوم بيوم قتالي في الشمال. وفق هذه الوتيرة فإنه خلال أسبوع أو أسبوعين سينتهي من عملية التعرف، وسيتعرف على كل القطاع ويمكنه البدء بالعمل.
الجيش الإسرائيلي جاهز ومتأهب من رأسه حتى أخمص قدميه على الحدود مع لبنان، ومزود ببنك أهداف، والمدافع موجهة والردود مؤلمة. وفي الجهة المقابلة أيضا نصر الله راجع دروسه. إن القاعدة التي استهدفتها الكاتيوشا في جبل ميرون هي هدف إستراتيجي. صواريخ الكاتيوشا أصابت البطن الضعيف وأحدثت صدمة، لكن ميزان الردع تمت المحافظة عليه. بخصوص السؤال الاستراتيجي المتعلق بمخزون حزب الله الصاروخي، هل ستصدأ أم أنها ستطلق على العدو، حتى الآن لا يوجد جواب.
في الجهة المقابلة فإن فرصة أن تصدأ هذه الصواريخ آخذة بالتقلص، والسيد نصر الله بحاجة لأن يثبت بأنه ذو صلة، وقتل هذه القصة الصغيرة التي تروي حكاية الإنسحاب من شبعا. أيضا إسرائيل لا تريد أن تفتح الآن نقاشات لا فائدة منها بشأن هضبة الجولان. والمهم هو ما سيحدث صباح اليوم في الشمال والذي لا يمكن أن يعرفه أحد. هل سيسمح الجيش الاسرائيلي لعناصر حزب الله بالعودة الى مواقعهم، وكأن شيئا لم يحدث؟ يبدو أن الجواب هو نعم. هل ستعتذر إسرائيل عن الحادثة، من أجل فرض قواعد اللعبة الجديدة؟ تبدو حسب أغلبية الآمال لا.