هتسوفيه

نيتسان كيدر

ربما يُشكل الوضع المتوتر على الحدود الشمالية، الذي تصدر العناوين فجأة يوم الأحد الماضي، قصة بالنسبة لكل الجمهور، لكن بالنسبة للناس المقيمين هناك يتعلق الأمر بواقع يومي.
تحدثت يوم الأحد مع أحد المقيمين هناك، على الحدود. شخص كان في الملجأ، ليس يوم الأحد فقط، بل إنه سبق له أن تواجد في الملجأ مرات عديدة قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان قبل ست سنوات. فالسكان المقيمون على الحدود الشمالية باتوا يعرفون كل الوعود وكفوا عن تصديقها منذ زمن. هم يعيشون منذ عدة أشهر في خوف دائم. إذ يتعين عليهم تنسيق كل خروج من بيوتهم باتجاه أراضيهم الزراعية مع ثمانية إلى تسعة جهات مختلفة. إنهم يعيشون في روتين الارهاب، حتى وإن لم يحدث عمليا بل أمكن تلمسه والشعور به فقط. وهذه المرة أيضا وعد الجيش الإسرائيلي بأنه في حال قام المخربون بهجوم جديد فسوف يوجه لهم ضربة قاسية جدا. لكن الأمور ذاتها قيلت للسكان أيضا بعد الهجوم القصير الذي وقع قبل سبعة أشهر. فهؤلاء السكان يرون مواقع حزب الله قائمة مقابل بيوتهم من الجانب الثاني للحدود من دون هلع أو خوف. بل إن السكان الإسرائيليين أنفسهم هم من يخشى الاقتراب من الحدود، بينما من الجانب الثاني للحدود يحرث اللبنانيون أراضيهم، يتجولون من دون أي مشكلة أو عراقيل، وحتى أنهم أحيانا يستفزون ويتحدون من يقف على الجانب الإسرائيلي للحدود.
لا يوجد حل سحري لهذا الوضع. فقد أظهرت إسرائيل ضعفها من خلال هروبها من لبنان قبل ست سنوات. حينها خرجنا من هناك "وذيلنا بين ارجلنا". واليوم يأتي البكاء متأخرا جدا، لكن يتعين استغلال الفرصة كما كانت بهدف تدمير قواعد المخربين في لبنان.
الآن، على الأقل، يبدو أن الأمر يتعلق مجددا بحادث منفرد. كما لو أنه عبارة عن تلميح من حزب الله، مرة كل عدة أشهر، لتذكيرنا أنهم هنا وأنهم يسيطرون على الأرض. وفي المقابل، فإن السكان الذين اعتادوا العيش في ظل هذه التهديدات، يحاولون الاستمرار. لكن أحدا لم يعد يلتفت إلى معاناتهم. فنحن منشغلون اليوم بصواريخ القسام والكاتيوشا التي تسقط في أماكن أُخرى في النقب الغربي وفي منطقة اشكلون. بينما عادت منطقة الشمال لتكون منطقة النزهات والاستجمام مع مشاكل أمنية.
إن الأحداث التي حصلت على الحدود الشمالية يجب أن تشعل الضوء الأحمر لدى كل واحد منا، وأن تعيد إلى الوعي مشكلة سكان الحدود الشمالية، الذين ربما تكون حياتهم تحولت إلى روتين بالنسبة لهم، لكن إذا وضعنا أنفسنا مكانهم فإننا بمعظمنا لن نكون مؤهلين للبقاء والعيش مع هذا الروتين من الخوف حيث يمكن التعرض لهجوم في كل لحظة، وفي بعض الأماكن يتعلق الأمر بامكانية حصول اطلاق نار خفيف من الجانب اللبناني للحدود والذي من شأنه المس بإسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود. المسافة قريبة جدا.
يجدر بالحكومة أن تتذكر أنه يوجد في هذه الأماكن الكثير من السياحة والكثير من بيوت الاصطياف والاستجمام، وأنه يجلس في هذه الأماكن أناس لا يتنازلون عن الزراعة وعن المكان الذي بنوه، على الرغم من تهديدات الارهابيين. تقديرنا مهم لهم، وهو ما لا يتم الإعراب عنه بشكل كاف. لكن لا تقلقوا، ستمر بضعة أيام وننسى الحادث. الحياة ستعود إلى مسارها الطبيعي، أماكن الاصطياف والاستجمام في الشمال ستمتلئ من جديد، الأولاد سيعودون إلى الشوارع. كل شيء سيكون جيداً وجميل، في انتظار صلية الصواريخ التالية. عندها، كل الذكريات، كل المعطيات، ولاسيما الخوف، سيعلو ويبرز.