كنت أسأل أحد الأصدقاء الذين تعايشوا مطولاً مع السلطة التنفيذية في قمة الهرم إذا ما كانت هناك آلية وضعها الأردن لمتابعة قرارات مؤتمرات القمة العربية وكانت الإجابة لا ، وليس ذلك مطلوباً ، ولا أعتقد أن الوضع مختلف في أي دولة عربية ، فالاجتماعات أصبحت تقليداً يحرص عليه البعض ، ولا يضعه البعض على أجندته ، فهو ليس بالأهمية التي يتوهمها الناس في هذا الوطن. وإذا ما حدث استفتاء على المستوى العربي لضرورة عقد هذه الاجتماعات ، فإنه ليس هناك شك أن النتيجة سوف تأتي لصالح إغلاق هذا الدفتر الذي لا يستحق حتى فتحه.

ولعلنا ونحن لسنا بعيدين عن مؤتمر القمة الأخير في الخرطوم ، نستعيد بعض ملامح ما أوصلنا إليه لقاء اليوم الواحد ، والذي يعكس رؤيا القادة العرب من أن ما يحيط بهذه الأمة لا يحتاج إلى أكثر من يوم تم اختزالها إلى أربع ساعات عمل خطابية ، وكفى الله المؤمنين القتال.

والقارئ المتأني لواقع القمم العربية يدرك المصيبة التي نعيشها. ولعل آخر هذه المؤتمرات يعكس لنا هذا الوضع المتردي الذي نعيشه ، فالرسائل التي قدمها أعداء هذه الأمة على هامش مؤتمر القمة العربية ، إلى القادة العرب ، والتي تتلخص فحواها بأن هذا المؤتمر كما هو حال المؤتمرات السابقة من نوع اسمع جعجعة ولا أرى طحنا.

على هامش المؤتمر أو أثناء انعقاده كانت دعوة اليهود ، ولا أقول المتطرفين لأنهم جميعاً متطرفون في عدائهم ، إلى هدم المسجد الأقصى. وجاء قرار رئيس وزراء إسرائيل ايهود أولمرت بالسيطرة على غور الأردن والتوجه إلى فرض أحادية الحل للقضية الفلسطينية ، وجاءت قرارات أمريكا وحلفائها الأوروبيين بإيقاف الدعم عن الفلسطينيين لوصول حماس إلى السلطة ، وجاء التصعيد الإسرائيلي في كافة جوانبه ليثبت أن اجتماع الخرطوم لن يقدم ولن يؤخر. وجاءت رسائل عديدة تتعلق بدارفور ، والعراق ، والملف الإيراني ، والملف اللبناني والملف السوري ، وقائمة الرسائل لم تنته ولن تنتهي كما هو واضح.

وفي المقابل فإن اللغة الفخمة التي يتم استعمالها في مؤتمرات القمة ، وخاصة المؤتمر الأخير جاءت لتؤكد مقولة المرحوم سعد زغلول ما فيش فايدة. وأن أجندة المؤتمر المحددة معالمها وأطر التعامل مع القضايا المطروحة وحدود المناورة محدودة للغاية ، وأن ما يمكن تقديمه من خلال هذا المؤتمر هو أنه لقاء للأخوة العرب على مستوى القمة ، وهذا في حد ذاته مكسب لا يستهان به.

وليس المواطن العربي هو الذي لا يرى أن هناك جدوى من مؤتمرات القمة ، فاعتقادي أنه حتى القادة أنفسهم لو تم استفتاؤهم حول جدوى عقد هذه اللقاءات ، فإنهم سيقدمون لنا نفس النتيجة وهو أنه لا جدوى من هذه اللقاءات.

وإذا ما حاولنا أن نتناول الموضوع من حيث الربح والخسارة ، فإن الخسارة تبدو أرجح بالنسبة لهذه المؤتمرات: فالاحباط يزيد في كل مرة يعقد به مؤتمر قمة ويفقد المواطن العربي ثقته بقممه وقادته ، وهذا ما يستهدفه أعداؤنا بالتأكيد ، والذين يحددون للقمة مساحة تحرك المشاركين بها والمدى الذي يمكنه أن يصله المجتمعون في كل مؤتمر قمة.

ليس هناك شك بأن مؤتمرات القمة والتي يكاد عددها يصل إلى الأربعين ، قد أفقدت هذه الأمة عزتها وكرامتها ، وأكدت نبوءة أنه سيأتي ذلك اليوم الذي تصبح فيه أمتنا كغثاء السيل ، وأن كثرتنا لا تخيف أحدا ، بل تدلّ على ضعف هذه الأمة. يحزن الإنسان الذي يتابع ما يجري على مستوى القمة وهو يرى أن القادة العرب لا يدركون المخاطر التي تعيشها هذه الأمة ، وأن جُلّ اهتمامهم ينصب بالنسبة لكل منهم على المحافظة على موقعه ، ويتناسون ما يعرفه الكل بأنه أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.

الرسائل التي تم إيصالها إلى هذه القمة ، وصلت كما هو حال الرسائل السابقة وتمت الاستجابة لها ، وهذه الرسائل كانت من طرف عدونا ، أما الرسائل التي أرسلها المواطن العربي وكلها من نوع وا معتصماه، فإنه لم يكن هناك من مجيب لها. وكل الاستجابات التي تعيشها قممنا هدفها واحد ، هو الوصول إلى قناعة مفادها أنه مفيش فايدة واللّي بعيش ياما يشوف،