«الأحبة اثنين اثنين» وشر البلية ما يضحك. وأهلا بكم في لبنان، درة العرب وسويسرا الشرق. يا مولانا نحن بلد مساواة. لذلك احتفلنا، ساحلا وجبلا ومزارع وملحقات، بذكرى شهيدين في يوم واحد: الأول في طرابلس الشام، والثاني في بيروت. الأول ينتمي إلى «جبهة الخلاص» المؤيدة لسورية، والثاني صانع «انتفاضة الاستقلال» ومحرك تظاهرة 14 آذار الأولى. والتحديد هنا ضروري لأن بعض الذين كانوا في 14 آذار الأولى خرجوا إلى 8 آذار من الشهر نفسه. والفرق بين الأسبوع الأول منه والأسبوع الثاني أن أهل 8 ملأوا بيروت «وفاء لسورية» وأهل 14 ملأوها هتافا ضدها.

إذن، مولانا، الشهيد الأول هو رشيد كرامي رئيس الوزراء الراحل، والثاني هو الصحافي الوسيم الذي اتخذ صورة غيفارا، سمير قصير. سوف تقول، إذن، إنها الطريقة اللبنانية، شهيد مسلم من هنا ومسيحي من هناك. لا. لا تتسرع. أنت في لبنان. وفي هذا البلد يا مولاي استشهد 3 رؤساء وزراء: رياض الصلح ورشيد كرامي ورفيق الحريري. لكن يجب أن تلاحظ هنا أن سمير قصير هو شهيد رفيق الحريري. وان الجنرال ميشال عون (الآن تم تعريبها إلى عماد، تمشيا مع موجة الاستعراب) الذي كان ضد رشيد كرامي حتى الموت، يشارك الآن في ذكراه. وسبحانه وحده يهدي من يشاء. لكي تستطيع متابعة تطورات لبنان، حتى في ذكرى شهدائه، يجب أن تلاحق التطورات ساعة بساعة. لأن دهرا كاملا قد يتغير بين نشرة أخبار وأخرى. ولذلك وضعت لنشرات الأخبار «ملاحق». أو «فلاش»، حفظك الله. وإلا سوف يخيل إليك انك ولدت في زمن وانتقلت إلى آخر. وهذا كما تعرف، مستحيل. ففي النشرة نفسها خبر عن التقاء كتلة من الكتل وفي ملحقها خروج فريق ما إلى تكتل آخر. كأن تقول بلاد حريات. ولا تنس أننا أيضا بلاد مبادئ. كل مبدأ له فصل. وكل فصل له خطاب. وكل خطاب له حليف.

هذه مسألة إنسانية عثر لها صدام حسين على حل بسيط ومباشر: مجلس النواب ينتخب بـ 100% والرئيس بـ 100% والبلد ينهار 100%. نحن في لبنان لم نصل إلى ذلك بعد. الشيء الوحيد الأكيد هو أن الانهيار السياسي 100% أما الانهيار الاقتصادي والاجتماعي فليست هناك قياسات متوافرة. هناك فقط ما يقال في نشرات الأخبار وما يلحق بها في الملاحق والفلاشات. قربت.

اغتيال رشيد كرامي قبل 19 عاما كان محزنا ونذيرا. واغتيال سمير قصير قبل عام واحد كان شديد الحزن وكان نذيرا. وفي هذا البلد يتداعى الناس من كل طيف لكي يتذكروا شهداءهم. وليس عندهم فرح يدعون إليه. ولا مستقبل يسمح لهم بأن يقوموا له. وما الحوار الذي يجلسون حول طاولته، سوى طاولة من الخشب وكراس من الخشب. كذلك.