دمشق - ابراهيم حميدي

أعلنت مصادر رسمية في دمشق امس ان اجهزة الأمن السورية احبطت «عملية ارهابية» كانت مجموعة متشددة من عشرة أشخاص تخطط لتنفيذها ضد موقع رسمي قرب «الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون» حيث يقع عدد من أهم المؤسسات الاعلامية والتعليمية والأمنية في سورية.

واستبقت قوات الامن تنفيذ المخطط، ما ادى الى وقوع اشتباك مسلح في بناء مهجور بين هذه الابنية، أسفر عن سقوط اربعة قتلى وجرح اثنين من «المجموعة التكفيرية» والقبض على اربعة، اضافة الى استشهاد احد الحراس الامنيين وجرح اثنين. وقيل ان عمليات مراقبة استمرت 24 ساعة ساهمت في احباط المخطط.

وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن السلطات السورية عثرت مع المجموعة على اسلحة اميركية تضم «ام 16» غير موجودة في سورية ومهربة من دولة مجاورة، تم تسليمها اليهم بهدف «تنفيذ مخطط ارهابي». كما عثر مع افراد المجموعة على بنادق صيد وقنابل مصنوعة محليا، اضافة الى أقراص مضغوطة (سي. دي) واشرطة كاسيت وهواتف نقالة وصواعق، قامت كاميرا التلفزيون الرسمي بعرض بعضها، بعيد الاشتباك.

وقال لـ «الحياة» مسؤول شاهد جثث القتلى الأربعة، إنهم شباب في العشرينات والثلاثينات من العمر، وانهم كانوا يرتدون بدلات عسكرية ويلفون رؤوسهم بشماغات ملونة، مشيراً الى انهم «اصوليون سوريون».

وبحسب المعلومات المتوافرة لـ «الحياة»، أسفرت متابعات امنية عن كشف مخطط تنوي المجموعة التي تضم عشرة اشخاص القيام به في وسط دمشق، ذلك ان افرادها كانوا من الجماعات الدينية الصوفية قبل ان يتحولوا الى الاتجاه التكفيري بعد شهر رمضان الاخير.

وعندما تنبهت المجموعة الامنية الى المهاجمين، جرى اشتباك في حدود السادسة والربع صباحاً، لدى تحصن افراد المجموعة في مبنى مهجور يعرف بـ «الطاحونة» الذي يقع بين مبنى الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون والامن الجنائي، وقرب وزارة التعليم العالي وادارة الجمارك ومؤسسات امنية اخرى.

وعلم ان الاشتباك استمر وقتاً طويلاً، وان قنابل استخدمت فيه وان تبادل اطلاق النار ادى الى وصول بعض الشظايا الى غرف في «الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون». وقالت مصادر مطلعة انه ينبغي عدم اطلاق استنتاجات قبل انتهاء التحقيقات مع الاربعة. واضافت «ان البناء المهجور كان نقطة انطلاق لتنفيذ المخطط».

وتفقد وزير الداخلية اللواء بسام عبد المجيد ومسؤولون آخرون موقع الاشتباك حيث عادت الأمور وحركة المرور الى طبيعتها بعد فترة قصيرة جداً من انتهائه.

وكان لافتاً ان البيان الذي بثته وزارة الداخلية نقلاً عن «مصدر مسؤول» لم يشر الى ان افراد المجموعة هم من الجماعات الاصولية او التكفيرية او «تنظيم جند الشام»، علماً ان سورية شهدت في السنة الاخيرة سلسلة من العمليات والاشتباكات بين قوات الأمن و «التكفيريين» او «جند الشام»، واحدة منها حصلت في آذار (مارس) الماضي اسفرت عن سقوط قيادي في «جند الشام» اسمه محمد علي ناصيف.

وظهر اسم «تنظيم جند الشام للجهاد والتوحيد» للمرة الأولى في مطلع حزيران (يونيو) من العام الماضي، عندما اعلنت السلطات الرسمية تفكيك «خلية» تابعة له في منطقة دف الشوك قرب دمشق. ثم جرت اشتباكات اخرى في معظم المحافظات تضمنت وجود عناصر غير عربية قامت بتهريب اسلحة من لبنان او العراق.

ويعتقد خبراء بأن تنظيم «جند الشام» أسسه سوريون وفلسطينيون وأردنيون في افغانستان في التسعينات، وانه مرتبط بتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» في العراق بزعامة «أبي مصعب الزرقاوي». ويشيرون الى ان هدف «جند الشام» هو تأسيس الخلافة الاسلامية وإمارة في كل دولة عربية، الأمر الذي ظهر في المنشورات التي عثر عليها مع افراد هذه الخلية. وكان الرئيس بشار الاسد شدد في مقابلة اجراها قبل اسابيع مع محطة اميركية على اولوية الامن. وقال: «ان الأولوية الآن هي الأمن، لأننا بدأنا نشهد خلال السنتين الماضيتين المزيد من الإرهاب بعد مضى عقدين من الزمن لم نشهد خلالهما أي أعمال ارهابية».