حين يكون أمن الوطن هو المستهدف فلا حوار ولا نقاش ولا أخذ ولا رد ولا سعة صدر ولا طول بال.

حين يكون الهدف إشاعة الفتنة بين الناس والعبث بأمنهم وأمانهم فلا تفاسير ولا تحاليل ولا حسن نوايا ولا سوء نوايا.

ما حدث صباح الجمعة الماضي بجانب مبنى الإذاعة والتلفزيون هو عمل إرهابي بامتياز سواء كان ملاكاً أم شيطاناً ذاك الذي يقف خلفه وسواء كان مؤمناً أم كافراً ذاك الذي أعد له وخطط له ونفذه.

من قام بهذا العمل الإرهابي سواء كان ناسكاً أم متنسكاً، صوفياً أم متصوفاً، كافراً أم تكفيرياً، زرقاوياً سورياً أم زرقاوياً أردنياً، بن لادنياً أم شيطانياً فهو مجرم بحق نفسه وبلده ووطنه وأمته ودينه ودنياه.

سواء كان تابعاً لأبي القعقاع أم لأم القعقاع، مدفوعاً، أم مغروراً به، جاهلاً لا يدري، أم عارفاً بما يجري، فهو ساع لحرق البلد ويجب أن تحرق يداه قبل أن يحرق البلد.

سواء كان مرتبطاً أم غير مرتبط، مجنداً من الشرق أم من الغرب يجب أن يقتص منه ليكون عبرة لمن يعتبر.

فضيلة تسجل لوزارة داخليتنا ولرجال أمننا أنهم أحبطوا المهمة الشريرة التي كان المجرمون يودون تنفيذها قبل تنفيذها ووأدوا الفتنة قبل أن تنتشر سمومها ويكبر تعداد ضحاياها.

هؤلاء أناس ألغيت عقولهم أو ألغوا عقولهم، لذا لم يعودوا يسمعون ولم يعودوا يرون إلا ما يريدون سماعه ويريدون مشاهدته وقد عميت عيونهم عن حقيقة هي أبسط ما تكون وأوضح ما تكون وأكثر جلاء من أي شيء يمكن أن يكون وهي أن الأمر الوحيد الذي يوجد فيه تطابق كلي وتام وناجز بين الشعب وحكومته هو الموقف الواحد من مسألة العبث بأمن وأمان الوطن ومسألة إشاعة الفتنة والفوضى وإثارة النعرات.

لا أعتقد بأن مواطناً سورياً واحداً يقبل بأن تؤول سورية لا سمح الله إلى ما آلت إليه العراق، ففي أي عالم مجهول تعيش هذه الزمرة من البشر ومن أي كهف ينطلقون وإلى أي قاع ينحدرون.

إن خطورة ما حدث لا تأتي من خطورة المهاجمين ولا من مدى فاعليتهم فهم زمرة محدودة معزولة ليس لها مناخ في بلدنا كي تنتشر ويكبر حجمها وحجم إساءتها وهي معدومة الفاعلية وقوى الأمن في بلادنا ساهرة بكل جدية، ومتابعة لكل صغيرة وكبيرة لما يقوم به هؤلاء وأمثالهم. لكن الخطورة تأتي من التفسيرات الانفعالية أو المغرضة أو الجاهلة أو المنافقة أو الانتهازية لما حدث.

هناك دعوات جاهلية تقول بأن هؤلاء المتشددين إسلاميون ويجب التعامل معهم على أن هذا هو الإسلام لذا لا بد من كذا ولابد من الحد من كذا ومنع كذا و الخ ما هنالك.

وهنالك من يعتقدون أن مناخ الحرية الذي تشهده بلادنا هو الذي جرأ هؤلاء على فعل ما يفعلون ولو كان القمع شغالاً والسيف مسلطاً على رقاب العباد لما حدث ما حدث، وهؤلاء مخطئون أيضاً والعكس هو الصحيح، لقد شهدت بلادنا أعمالاً إرهابية أشد وطأة وأبعد أثراً وفي مناخات أكثر تشدداً بعشرات المرات من التي نعيشها الآن.

نحن نقول للمخلصين الذين قلبهم حقاً وصدقاً على البلد لا تحملوا الأمور أكثر مما تحمل ولا تفسحوا المجال للجاهلين والانفعاليين وربما الفاسدين والانتهازيين ليصطادوا في الماء العكر ويعطوا الأمور أبعاداً لا أبعاد لها وهم بذلك يحرضون على الفتنة من حيث يدرون ولا يدرون ومن حيث يعلمون ولا يعلمون وهم بحسن نية أو بسوء نية يتقاطعون مع هؤلاء الإرهابيين- ولو نظرياً- في الإساءة للوطن وللشعب.

لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من شأن ما حدث ولا يعني التباسط في التعامل مع ما حدث والأهم من ذلك لا يعني التساهل مع ما حدث. ويجب بتره في حينه دون نقاش أو تردد أو وجل، وسلمت يا سورية وشلت يد من يعبث بأمنك.