لوموند / 2-6-2006

لماذا كان يجب انتظار منشورات مجلة تايم , شهر مارس, ليبدأ الجيش الأمريكي تحقيقه حول ما جرى فعلياً صباح 19 تشرين الثاني 2005, في بلدة الحديثة , على بعد 250 كم شمال غرب بغداد , على ضفاف الفرات.

بالتوازي مع التحقيق الجنائي من قبل البحرية الأمريكية حول ملابسات قتل أربع وعشرين مدنيا- ً بينهم سبع نساء وثلاث أطفال - , والذي سيفضي إلى تذنيب بالقتل من القضاء العسكري , جرى تحقيق إداري بنفس الوقت. والنتائج سوف ترفع إلى الجنرال إيلدون بارغويل , وهذا التحقيق سيكون صاعقاً , حسب التسريبات الإعلانية, ومن بينها الواشنطن بوست ليوم الخميس أول حزيران.

السيد بارغويل يؤكد تصرف الجنود والضباط الذين زوروا إرادياً المعلومات التي رفعوها إلى رؤسائهم . إنه يتهم سلوك هؤلاء الذين في أحسن حالاتهم برهنوا على الإهمال . في أول تصريح له , وبتاريخ 20 تشرين الثاني 2005, أعلن الجيش الأمريكي أن انفجار قنبلة على طرف الطريق في الحديثة أسفر عن موت الكابورال ميغيل تيررازاس وخمسة عشر مدنياً عراقياً . في كانون الثاني , كان هناك ترجمة أخرى تشرح أنه بعد الانفجار , تعرّض البحارة لنيران أسلحة أوتوماتيكية واقتحموا عدة منازل لصد الهجوم. أما السيناريو الأقرب إلى الحقيقة اليوم فهو أن الثأر الأعمى قاد أفراد الوحدة , بعد أن فقدوا أحد زملائهم , إلى اقتحام المساكن وقتل أصحابها دون سبب.

خروج عن السيطرة

يشير تقرير الجنرال بارغويل إلى نقطتين هامتين. أولاً , حول التقرير الذي قدمّه السرجنت فرانك وتريتش , الذي كان على رأس الوحدة – الوحدة كيلو من الفيلق الثالث الفرقة الأولى- هذا التقرير الذي كان خاطئاً , مؤكداً فيه مقتل الخمس عشر مدنياً عراقياً بانفجار القنبلة. أما التسع عراقيون الباقون فقد صوّروا على أنهم مقاومون ( إرهابيون) وهذا لم يكن واقع الحال.

أما المسألة الثانية فهي تخصّ وحدة أخرى من البحارة , شاركت في ذلك اليوم بنقل جثث الضحايا , ولم يكن ممكناً ألاّ يكون أفرادها قد انتبهوا إلى أن القتل جرى بطلقات رصاص. فإذا لم يزور البحارّة التابعين لهذه الوحدة الحقيقة مع الضباط الآخرين , فإن قيادة الفرقة الأولى كانت ستكشف الفروقات بين التقريرين. وأخيراً يؤكد الجنرال بارغويل أن تدريب الجنود في العراق لا يهيئهم لحرب العصابات وإنما تدريبهم يقوم على أساليب القتال التقليدية .

إذن فتقرير السيد بارغويل , المجاهد القديم في فيتنام والخبير في العمليات الخاصة , سوف يكون فيه نتائج جديّة . إنه يؤكد حالة الخروج عن السيطرة في قلب الجيش والتي يتساءل عنها عدد كبير من البرلمانيين وخصوصاً الديموقراطيين , منذ انطلاق فضيحة سجن أبو غريب قبل عامين . وهو يطرح في نفس الوقت السؤال الأهم : هل الجيش الأمريكي قادر على خوض صراع طويل وصعب مع ثورة في بلد عربي.

وبإشارة إلى خطورة الأزمة , أعلن الجنرال بيتير شياريللي , الذي يقود الفرق الأمريكية في العراق , لهذه الفرق أنها سوف تتلقى خلال ثلاثين يوماً تشكيلة خاصة عن "القيم الأخلاقية" . وأعلن أن "التحدي هو ألاّ تؤدي أفعال عدد صغير من الأفراد إلى إلغاء البطولات التي قام بها الأكثرية ... "