المستقبل

يؤكد دروز فلسطين ان خدمتهم في جيش الاحتلال جعلتهم يتخلفون عن ابناء جلدتهم من المسلمين والمسيحيين، ويشددون على ان مسألة الخدمة الالزامية في هذا الجيش لم تعد تعنيهم، فيما تشير معطيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى ان عدد رافضي الخدمة الإلزامية لدى الدروز يتزايد باطراد في الآونة الأخيرة، حتى بات الأمر بمثابة ظاهرة تقض مضاجع المؤسسة الأمنية التي ترى في تجنيد الدروز تطبيقا لسياستها القاضية بسلخهم عن شعبهم داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948.
وتقول سلوى سيف، من قرية يانوح وهي والدة ثلاثة شبان عرب دروز رفضوا الخدمة من منطلقات قومية وزجوا في السجن بسبب ذلك: "يرفض أولادي والبيت الذي تربوا فيه أن نخدم.. نحن عرب اقحاح وفلسطينيون نعيش تحت حكم إسرائيلي.. نحن فلسطينيون دروز.. إسرائيل تدعي الديموقراطية فأين الديموقراطية في الخدمة الإجبارية". تضيف "في هذا الجيش لا يوجد قانون ولا احترام، وقد آن الأوان لحكومة إسرائيل أن تنفذ التعايش الحقيقي وليس التعايش ما بين الفرس وخيالها، إنما التعايش بين الشعبين"، مشيرة إلى ان "عدد رافضي الخدمة في صفوف الشباب العرب الدروز في تزايد مضطرد".
ويؤكد وسيم خير (من قرية البقيعة) بعد إطلاقه، "أنا لا اشعر بالانتماء إلى هذا الجيش"، أما والده فيقول "احتلال الفكر أصعب من احتلال الأرض.. احتلال إسرائيل للدروز أصعب من احتلال الأرض".
ويوضح الشيخ يوسف زاهر (54 عاما)، من قرية عسفيا، والذي يعمل ميكانيكيا في ورشة خاصة، وهو أول ضابط وحدة مدرعات عربي درزي في الجيش الإسرائيلي، "يوم دخلت سلاح المدرعات في العام 1972، كان فاتحة لدخول غيري من المجندين الدروز إلى هذا السلاح، اشتركت في حرب رمضان 1973 وكنت سائق دبابة وبعد الحرب تمت ترقيتي فأصبحت قائدا لوحدة مدرعات، مررت في ظروف شنيعة وبائسة، وكنت أول درزي يحصل على رتبة ضابط في هذا السلاح، ولكن ما أن أنهيت الخدمة الإلزامية النظامية، أي السنوات الثلاث الأولى، حتى رفضت التوقيع على العمل في الجيش كجندي نظامي دائم رغم توجههم إلي عدة مرات".
يضيف، "كانت المغريات كثيرة لدخول الخدمة الدائمة ولكنني اليوم اقول للاجيال الجديدة خسارة وقتكم في الجيش، فنحن الدروز تخلفنا حتى عن اخواننا المسلمين والمسيحيين، ففي كل عسفيا والتي تعد 12 الف نسمة، تجند عدد قليل من الاكاديميين الدروز، اين الاطباء والمحامون والمهندسون؟.. اذا نظرنا الى قرى عربية اخرى التي لا يخدم فيها احد في الجيش لوجدنا فيها ارقاما تبدو لنا خيالية، ففي هذه البلدة وحدها مئات الاكاديميين".
ويتابع زاهر "كان الطريق ممهدا للتقدم في الرتب العسكرية أمام كل من خدم في حرب تشرين الأول (أكتوبر) ونجا منها، ولكنني رفضت الاستمرار، والآن أحضت ابني البكر نجم أن يتدين كي لا يخدم في الجيش وكذلك ابني الأصغر الذي ما زال في الإعدادية سأقنعه بعدم دخول الجيش، فما الذي جنيناه من الجيش، وضعنا صعب خصوصا في قضايا الأرض وفرص العمل، فما أن تترك الجيش حتى تعامل مثل إخوانك العرب الذين لم يخدموا في الجيش، وفي حالات أخرى نجد المعاملة معنا أسوأ".
ويتطرق إلى تحصيل الطلاب العرب الدروز المتدني في شهادة التوجيهي (البجروت)، خصوصا في اللغة الانكليزية والرياضيات، ويقول، "هناك محاولات لخفض مستوى الطلاب في التحصيل كي لا يبقى لهم من مجال سوى العيش من الخدمة العسكرية، أقول للشبان الدروز: ما الذي حصلنا عليه؟ ما الذي أعطونا إياه؟ بماذا نتميز عن من لا يخدمون في الجيش؟.. الم تكف 58 عاما من التجربة؟.. أدعو شباننا أن يتعلموا، وان يسألوا ضمائرهم عن ما يجري في الجيش، يجب أن لا يكون لا لنا دور في جرائم الاحتلال المرتكبة ضد الشبان الفلسطينيين، كل من تربطني به علاقة أقول له إن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي لا يلائم ضمائرنا، وكل من يقول نحن دروز صهاينة فهذا بائع لضميره بشيكل ونصف".
ويتحدث الشيخ زاهر بمرارة عن إعداد الطلاب لدخول الجيش من خلال زيارة مبعوثين من وزارة الأمن إلى المدارس، ومن خلال إغراءات بالمنح التي تعطي بعد إنهاء الخدمة الدائمة في سن الـ42. ويتساءل "ما الذي حصل للأرض؟ مَن مِن الدروز يعيش من العمل في أرضه اليوم غير قلة نادرة؟"، مشيرا الى أن "الوضع يزداد سوءا يوما يعد يوم".