بادرة صحيحة وجيدة ، ان تتنبه الدولة الاردنية وبعض رموزها وبعض كتّابها الى ان الشأن الفلسطيني هو... شاء من شاء ، وأبى من أبى ، في صميم الصميم من الشأن الاردني، ان الوهم الذي أريد له ان يسود ويترسخ ذات يوم قريب بان فك الارتباط بين الضفتين من شأنه ان ينقذ الاردن ، شعبا وارضا ، من وجع الرأس الفلسطيني وتبعاته وتداعياته ، بدأ يتبدد ويتلاشى ، وانصافا للحق والموضوعية ، فان سبب ذلك لا يعود في اغلب دوافعه الى اتساع الوعي الشعبي بحقائق علم الاجتماع ونشوء الامم ، وادراك ان ظاهرة الاشتراك بوحدة الحياة ووحدة المصلحة والمصير ، وانما... الى بروز الخطر اليهودي ووضوح نهجه وامتداداته التطبيقية على الارض واصحاب الارض وسكانها الشرعيين، ،

النهج الاسرائيلي واساليبه ، لم تعد تخدع احدا ولم تعد التعمية والتمويه والتضليل ، تجدي في قراءة التكتيك الاسرائيلي المعتمد في الوصول الى الهدف المرحلي وهو... اغتصاب كل ما امكن من الارض الفلسطينية «... مطهرة،» من سكانها «الاغراب،» الطارئين عليها،،.

ان خطة «الانكفاء» بحسب ما سماها شارون وتبناها اولمرت وحكومته ، ليست انكفاء بمقدار ما هي نقاط تجمّع وتجميع يُقصد به الانقضاض والانفلاش بعد ان تكون الدرب قد سلكت والعراقيل قد أُزيلت،،. وما نقصده هنا ، بالدرب والعراقيل هو النجاح في العملية الاجرامية الكبرى ممثلة بخنق الحياة الفلسطينية ، وخلق ظروف واوضاع تجعل من استمرار الفلسطيني في ارضه ، امرا بالغ الصعوبة الا اذا كان عبدا مستسلما مطيعا،،.

ان رؤية الكوارث بعد وقوعها ، أمر لا يحتاج الى عبقرية ، ومع ذلك... فان تنبه الدولة الاردنية ، ولو متأخرا ، يظل أحوج ما يكون الى اعتباره في رأس قائمة الاولويات التي يجب... اقول... يجب... اكرر يجب ، ان تحكم القرار الاردني في شتى الشؤون والحقول المجتمعية، ،
وبالمناسبة... ومن قبيل التذكير ، ليس اغبى ولا ادعى للسخرية ، من ذهاب بعض الاغبياء الى الاعتقاد الواهم بجدوى المعاهدات المعقودة او المواثيق وما يسمونه الضمانات الدولية،،. ان صفحات التاريخ... فضلا عن الاحداث والوقائع الماثلة ، حافلة... بل... مكتظة بالامثلة الدالة على ان المعاهدات والمواثيق ليست اكثر من عكازات ورقية ، لدى... تنافر المصالح وتصادم الارادات،،.
وليس جائزا ولا مقبولا ، الامعان في التعامي عن الحقائق وانعكاساتها على الداخل الاردني ، بذريعة او بأخرى ، كأن يلجأ بعض «الواقعيين» عميانا كانوا او... اغبياء ، الى التستر عن رؤية الخطر اليهودي بعدم قدرة الاردن على المقاومة والوقوف الحازم بوجه الخطر او... لان الاردن لا يستطيع الا الرضوخ للحدود التي تشترطها... المساعدات الدولية،،. اذ... ما فائدة هذه «المساعدات» اذا لم تخرج عن نطاق كونها حبالا لتعليق رقابنا عليها وفيها؟،،.

بالطبع... هذا لا يعني ان يبادر الاردنيون الى شن الحرب اليوم او غدا على مصدر التهديد ودولة الاغتصاب والارهاب ، فثمة طرق واساليب اخرى لمقاومة المخطط الاسرائيلي الهادف الى «... شيل الهم من قلب صاحبه» وغرسه في قلوبنا،، ، في طليعة هذه الطرق والاساليب ، ان يكون الاردن الرسمي والشعبي ، على مسافة واحدة من جميع الاطراف والحركات الفلسطينية ، بحيث يبقى دوره فاعلا ، وكلمته مؤثرة ونصحه مقبولا.

نحن الان ، اردنيين وفلسطينيين في مركب واحد يسير في بحر هائج... عالي الموجات ، لا يفيد فيه الوقوف لمعرفة «الحق على مين؟» ومحاكمة المذنبين،. ذلك ان ثمة اولويات لا يكابر فيها ، ولا يشذ عنها ، الا عبيد انانياتهم وخصوصياتهم وامراضهم ، ومثل هؤلاء ، باستثناء الخونة والعملاء ، لا يتعذر نهوض الوعي في نفوسهم وعودتهم الى اصالتهم التي اطفأتها الفوضى والاحقاد والسعي للفوز بالاغراض الصغيرة، ،
الشعب واحد ، والوطن واحد ، و... العدو واحد ، فلماذا اذن... لماذا لا تتوحد الجهود وتتلاحم الصفوف؟، ،