نضال الخضري

هل كان الصوت من الداخلي ... أم أن صورة الأب يجب أن تلازم الأنثى حتى في لحظة الاحتضار .. لحظة الألم الذي لا يرتفع للجسد إلى مرتبة الأنبياء ... بل لصنف الصدى الكوني، لأن نجوم الفضائيات اليوم صنف جديد لم يعهده البشر .. مشروع أنثى من الحديثة إلى غزة، ولم تكن الصرخة حالة حدية بل وشم أبدى على تراب أرض ستبقى مجهولة إلى أن نكتشفها ذات يوم غارقة باللون الأحمر ...

صرخة "يااابا" في النهاية كانت في داخلي ... في الفزع الذي يرافق استباحتنا .. ربما لأن الحزن لا يمكن أن نتصوره على شاكلة الأمل المخنوق، فستبقى استغاثة الأب عالقة في الأذن بينما يدور شريط الصور ليشكل ذاكرتنا، ثم يعيد بناء نجوم القرن الواحد والعشرين ... ولأن المجازر القديمة لم توثق .. أو لأن من قتلوا في الحديثة كانوا خلف جدران تحجب الكاميرات فإن الصرخات تعلو في الفضاء بانتظار أجيال قادمة تتلمس الألم القديم ... فأي "تطرف" نؤسس اليوم ... وهل الاستباحة ستبقى صرخة مذعورة لمشروع أنثى تبحث في المجهول عن نفسها قبل أن تصادف أشلاء أبيها.

وحتى لا يصير الحاضر تراثا فإن ما يحدث من أصداء "ديمقراطية" على وجه صبيتين من العراق وفلسطين هو في النهاية قتل للمساحات التي يحاول البعض فتحها ... مسافات من المستقبل الذي نستطيع فيه التعامل كما نريد لا كما يمليه الحقد ... لكن من يستطيع مسح الحقد؟!!! من يستطيع وقف أصوات الذعر المنطلقة اليوم والتي غدت الصورة الأولى والأخيرة على الفضائيات ... فوسط بهجة الأطفال كان هناك من يتسلى بقتلي ... بإنهاء مواسم الخصب من جسد الإناث ... أو التمتع بهواية "الحرية" على طريقة زمن الغرب الأمريكي.

أي أجيال ننتظر ... أو أي ألوان نريدها حذفها من عالم الأطفال أو خيالهم الذي أصبح على مرمى الموت الهابط في كل للحظة ... وكأنثى لا أفكر إلا بأنني أسمع كل أصداء الذعر ... من زمن تيمورلنك إلى عصر أولمرت ورامسفيلد والدعوات القادرة على خنق نظرتي لأنني إذا لم أحقد أموت ... وإذا لم أعشق أصرخ في وجه الصمت الذي يلف جسدي، فأعجز عن إطلاق دمعة لأن "تحالف الذعر عن الإناث" قرر تثبيت "إعلان الحديثة – غزة" ... إنه الموقف الذي أجبر على تلبسه في مساحات الموت الذي يلاحق الخصب في داخلي ... يطارد رغبتي في أن أعيش كما أهوى لا كما يفرضه "الحقد" علي...

"يااابا" لم تلهب العواطف بل رسمت طريق الحياة الذي نشقه بين ضغط الذعر والخوف والحرية في القتل لتصبح الأجيال القادمة حاقدة ... عاشقة للموت ... لكن الأنثى ممزوجة برغبة الحياة ... لذلك ستبقى.