صالح النعامي

كما يتوقع خبراء الديموغرافيا، فأنه من المتوقع أن يقفز عدد سكان قطاع غزة بعد عشر سنوات الى مليونين ونصف نسمة……هذه الكتلة البشرية ستعيش على مساحة 360 كيلو متر مربع فقط، أي أن 7644 شخص سيعيشون على الكيلو متر الواحد….. هذا بدون أن نستثني المساحات التي تقام عليها المرافق العامة والمؤسسات والأراضي الزراعية وغيرها……بكلمات أخرى أن قطاع غزة سيصبح كأتوبيس لاهور، الذي يكون فيه الركاب الذين يتسلقون الباب، ويعتلون السقف،أكبر من عدد الواقفين في الداخل، وعدد الواقفين أكبر من عدد الجالسين….. بمعنى أن ظروف العيش في زنزانة انفرادية في سجن " عربي " ما ستكون أفضل بكثير من العيش في القطاع… هذه المعطيات تبرز بؤس الدوافع التي تحرك أولئك الذين يتنافسون على السيطرة على قطاع غزة…… فلو تجاوزنا للحظة حقيقة إجراء انتخابات تشريعية، ووجود حكومة منتخبة، من حقها ممارسة الحكم وفق حكم الشعب……. فهل ثمة عاقل يفكر أن يتحمل تبعات حكم هذه الرقعة الجغرافية من الأرض مع كل ما يرافق ذلك من تحديات، ويأخذ على عاتقه مواجهة تداعيات الواقع الإقتصادي والديموغرافي والإجتماعي في القطاع؟؟ ولو تجاوزنا للحظة ايضاً قيمنا الدينية والأخلاقية، وغضضنا الطرف عن الاعتبارات الوطنية التي يتوجب الارتكاز عليها قبل اتخاذ القرارات المتعلقة بالوطن، واحتكمنا بدلاً من ذلك لحسابات الربح والخسارة في بعديها التنظيمي والشخصي الصغيرين، فمن هو ذا صاحب العقل الراجح الذي يفكر في تولي مسؤولية اطعام واسكان وتشغيل ومداواة هذا السيل البشري….. أنها حقاً الوصفة الأكيدة للاحتراق والفشل السرمدي، والفشل المؤكد. مع أنني – شخصياً – لا أتمنى لإنسان أحبه أن يواجه هذا التحدي، حتى ولو لكان ذلك نتاج انتخابات ديموقراطية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل من أجل هذه " الغنيمة " نقتتل ونسفك دماء بعضنا البعض، ونقسو على أنفسنا الى هذا الحد. تلاحظون أنا أتحدث عن القطاع، ولا أتحدث عن الضفة، وذلك ببساطة لأن الضفة ليست – في الحقيقة –جزءاً من السلطة الفلسطينية، لأنها محتلة بالكامل من قبل إسرائيل، والوجود الفلسطيني الرسمي هناك هو شهادة زور في ابشع صورها، على تحرير لم يكن. وحتى أكون أكثر وضوحاً، فلن تكون الضفة جزءاً من السلطة، ليس فقط بسبب الخطوات الإسرائيلية الهادفة لاضفاء شرعية على تكريس الاحتلال، مع كل ما يرفدها من فائض القوة العسكرية، بل ايضاً لأن سلوكنا كفلسطينيين لا يعكس في الحقيقة حرصاً على التحرير… إذن مادامت الأمور كذلك، فأن الخطوة المثلى هنا هو حل السلطة الفلسطينية، ودحض هذه الكذبة الكبرى مرة وللأبد، التي لم ترح إسرائيل فقط من تبعات احتلالها المتواصل لأرضنا، بل أنها أصحبت – على حقارتها - سبباً في حرب أهلية توشك أن تقتلع الأخضر واليابس……. أعرف أن أناساً من حركة " فتح " و حماس ومستقلين قد طرحوا فكرة حل السلطة كلاً لدوافعه الخاصة، وأنا اضم صوتي لهذه الأصوات، وليتوافق الفرقاء في الساحة على كيفية تطبيق هذه الكفرة بأقل الخسائر……….. ولنقل لهذا العار ……كفى!!!!!!!!

www.naamy.net