تحدثت الصحف الاسرائيلية امس عن اعادة حكومة أولمرت صياغة خطة الانسحاب من طرف واحد من الضفة لتبدو كأنها المرحلة "ب" من "خريطة الطريق"، وذلك في اعقاب الرفض الغربي والعربي اللذين واجههما اولمرت في جولته الاخيرة لدى عرضه فكرة الانسحاب الاحادي من مدن الضفة. ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالا لعضو الكنيست يوسي بيلين دافع فيه عن ضرورة انسحاب اسرائيل الى ما وراء الخط الاخضر، والا فستخسر كل شيء، وجاء فيه: "اذا تمسكنا بفكرة "أرض اسرائيل الكاملة" فسنصبح من دون دولة اسرائيل، واذا بقينا من دون دولة اسرائيل فسنخسر أرض اسرائيل، وفي أحسن الاحوال سنتحول يهودا يعيشون تحت رحمة الدولة الفلسطينية التي ستقوم على كل ارض اسرائيل، هذه هي الحكاية كلها. وهذا هو السبب الذي دفع شارون وأولمرت الى تغيير رأيهما وكذلك فعلت تسيبي ليفنه ودان مريديور وتسحي هنغبي وميكي ايتان وكثر غيرهم ممن تمسكوا بـ"أرض اسرائيل الكاملة" وألفوا الجمعيات واللوبيات داخل الكنيست وخارجه، وتقاتلوا معنا في كل معركة انتخابية وأظهرونا في صورة من يقدم تنازلات مسبقة وانهزاميين ومن لا يملك صلة حقيقية مع الشعب، الى ان فهموا الوضع بعد 39 عاما من الاخطاء وتضييع الوقت والمستوطنات وسفك الدماء.

أما ان تقوم هنا دولة يهودية ديموقراطية مع غالبية يهودية مستقرة ومساواة مدنية كاملة، أو لا يقوم شيء. كل الافكار المشوشة عن ترحيل الفلسطينيين، او الكلام على قيام الفلسطينيين في اسرائيل وفي المناطق بالتصويت للبرلمان الاردني، او القول ان من ينشد "هتكفا" (النشيد الوطني الاسرائيلي) ويحيي العلم الاسرائيلي في استطاعته ان يكون مواطنا... كل هذه الافكار من دون طائل ولا أساس، لاأخلاقية وغير عملية.

لم تقترن الفكرة الصهيونية بخريطة، ولقد تغيرت حدودنا التاريخية في اوقات قريبة. ومثل كل الشعوب ننحو نحو تذكر الاوقات القصيرة التي انتشرت فيها مملكة داود على مناطق واسعة، ولكن هذا لا يلزم القرن الحادي والعشرين. فرحنا عام 1936 عندما أعطينا ميني – دولة قبل ان تتراجع لجنة فيل عن قرارها اقامة دولتين، ورقصنا حتى الفجر عندما قررت الامم المتحدة اقامة دولة يهودية صغيرة من دون القدس ويافا ونهاريا، وعندما وسعنا الحدود في حرب الاستقلال كنا سعداء جدا وعشنا في أمان وبحبوحة ما بين الاعوام 1956 – 1967. بعد حرب الايام الستة أردنا السيطرة على شرم الشيخ وهضبة الجولان والضفة الغربية وغزة... لقد دفعنا ثمنا باهظا دوليا واقتصاديا ودمويا لقرار البقاء في المناطق، فحرب يوم الغفران ما كانت حدثت لو غادرنا معظم المناطق بعد الاحتلال مباشرة.

يدور الجدل حول "اسرائيل الكاملة" بين الصهيونيين المستعدين للتمسك بكل ذرة تراب من ارض اسرائيل مع او من دون سيادة يهودية، وبين الصهيونيين الذين يؤمنون بأن الدولة اليهودية هي الحل الرئيسي والصحيح اليوم ايضا، ومثل هذه الدولة لا يمكن ان تقوم الا مع غالبية يهودية وفي جزء فقط من ارض اسرائيل...".