يشير الأستاذ كمال جبر، رئيس مجلس إدارة «روز اليوسف» إلى ظاهرتين متلازمتين، أو متوازنتين على الأصح: ازدياد الميل إلى الحجاب عند الفنانات المصريات، وتزايد النزوع إلى اقتضاب الثياب عند الفنانات اللبنانيات. ويتناول المسألة، بكل جدية، من حيث تأثيرها على صناعة الفن المصري وصورته.

واضح أن المسألة غير جديدة. يسرا هددها أهلها إذا امتهنت التمثيل. هدى سلطان هددت بالذبح. وكثيرة هي الأمثلة. الجديد في الأمر، هو أن «استديوهات الأهرام» لم تعد هي الينبوع الوحيد للسينما العربية، ولم يعد من الضروري أو من المحتم أن ينتسب الفنان العربي إلى مصر لكي تُرى صورته أو يُسمع صوته. هذا الاحتكار قد سقط وربما نهائياً. ففي أماكن كثيرة من العالم العربي الآن، استديوهات وشركات وبلاتوهات (لا اعرف معناها تماماً) تنتج وتصوّر وتوزّع. وخصوصاً في فرع التعرية. وفي الماضي كان الرقص رقص سيدات مسرح مثل تحية كاريوكا وسامية جمال، والآن تخرج البنت من بيت أمها رقاصة، ويكون في انتظارها فريق تصوير وفريق تصدير. وفريق هز يا وزّ.

منذ أن تبعثر الفن خارج العراقة والأصول والمدرسة، صار لكل هزازة فرقة ولكل نادي عراة ملحنون، وحل دلع الاكتاف مكان قصيدة رامي وبيرم. وغابت الفرقة الموسيقية ليكثر كباسو الأزرار الكهربائية. واعتزل الشعراء ليحوم القوالون. وكانت بلاد العرب تنتج خمسة مطربين كل ربع قرن فأصبحت تفقس 25 مطرباً كل ربع ساعة مع كامل عدتهم: الرسائل النصية، ولواعج الغرام، وعلوج التأليف الموسيقي.

ورغم انهزام مصر أمام هذا الزحف السريع، فأين هي يسرا خارج مصر، وأين هو يوسف شاهين، وأين يحيى الفخراني، وأين هو فن الرواية أو الأداء أو الصورة، في هذه المسلسلات المتوالدة كالأرانب، وبعضها لرداءته وغلظته أشبه بالسفاح؟

لست أفهم لماذا يخاف الأستاذ كمال جبر على الفن المصري من العري اللبناني، وشركاه، ووكلائه. يجب أن نخاف معاً، ليس فقط من نسبة العري، بل من نسبة الانحطاط ومن مدى انتشاره ومن غياب أي محاولة جدية لعمل فني حقيقي. لأن الجمهور العربي اعتاد هذا الإسفاف على أنه من مقياس العصر، وربط الطبّال بالحداثة، وانعدام الذوق بالحرية. يجب أن ننتبه إلى أنه أصبح من المستحيل في هذا المناخ الانحطاطي ولادة فيروز أخرى من نجاة الصغيرة أو عبد الحليم حافظ. أو حتى نعيمة عاكف. إنها حالة عامة، لا يشكل فيها تلوي العري اللبناني سوى الجزء المعروض. أو المكشوف.