تقرير ل<مجلس العلاقات الخارجية>

السفير

يدعو تقرير أعده <مجلس العلاقات الخارجية> في نيويورك، الولايات المتحدة إلى إصلاح العلاقات مع تركيا، التي تعتبر شريكا رئيسيا لواشنطن لا يمكن الاستغناء عنه في العالم الإسلامي. إلا أن التقرير يرصد مكامن لخلافات كبيرة بين واشنطن وأنقرة حول العراق والضغوط الدولية على سوريا وإيران وحركة حماس.
ويشير التقرير، الذي نشر الأربعاء الماضي، إلى أن واشنطن وأنقرة متفقتان حول قضيتين رئيسيتين حول العراق، هما أن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء ليس في مصلحة الدولتين، وان حزب العمال الكردستاني هو حزب إرهابي.
ويوضح التقرير أن الخلاف بين البلدين بدأ عندما رفضت تركيا السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها في 2003 لغزو العراق، مشيرا إلى أن الرأي العام التركي كان متخوفا، قبيل الغزو، من تضرر العلاقات الاقتصادية مع بغداد، التي تعتبر اكبر الشركاء التجاريين لأنقرة.
وذكر التقرير أن الأتراك يعتقدون أن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ارتكبت خطيئتين كبيرتين في ما يخص العراق، الأولى تعمدها رفض تحذيرات أنقرة لعواقب الغزو، والثانية عدم إعطاء واشنطن أهمية كبرى لقلق تركيا من حزب العمال الكردستاني، واحتمال انفصال كردستان.
ويشدد التقرير على أن الموقف التركي في ما يخص العراق واضح: أنقرة تريد من الولايات المتحدة منع استقلال كردستان، وتدمير حزب العمال الكردستاني، كما فعلت مع <أنصار الإسلام>، وهي مجموعة كردية مرتبطة بتنظيم القاعدة.
ويعتبر التقرير أن تركيا محقة في تخوفها مما يحصل في العراق، حيث إن الوضع يشير إلى أن الأكراد سيحصلون، على الأقل، على حكم ذاتي، وسيتحكمون بالمناطق الغنية بالنفط المحيطة بكركوك، كما أصبح للزعيمين الكرديين جلال الطالباني ومسعود البرزاني، حظوة لدى واشنطن، على حساب أنقرة.
سوريا
وحول العلاقات التركية السورية، وصف التقرير العلاقات التركية السورية بأنها حميمة، حيث إن أنقرة هي اكبر سادس شريك تجاري لدمشق، كما أن العلاقات الدبلوماسية بينهما تحسنت بشكل دراماتيكي، موضحة انه منذ العام ,2003 كان هناك عدد غير مسبوق لزيارات مسؤولين أتراك إلى سوريا.
ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة لا ترحب بالصداقة بين تركيا وسوريا، حيث إنها قلقة من تأثير هذه العلاقة على 3 مواضيع تعتبرها أساسية بالنسبة لها، حيث إنها حولت سياستها في الشرق الأوسط من تلك التي تضع على رإس قائمة اولوياتها الاستقرار إلى مقاربة تشدد على ضرورة القيام بإصلاحات وتغييرات سياسية في العالم العربي.
ويوضح التقرير انه في الوقت الذي ركزت فيه واشنطن على إظهار أن النظام السوري قمعي، وبدأت بالضغط على دمشق للقيام بخطوات نحو الانفتاح السياسي، فإنها لا تنظر إلى العلاقات الجيدة بين تركيا وسوريا على أنها مساعِدة، كما انه في الوقت الذي وحدت فيه الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى جهودها لعزل سوريا دبلوماسيا بسبب اتهامها بدور في اغتيال الرئيس رفيق الحريري فإن العلاقات بين دمشق وأنقرة لا تزال ودية.
ويشير التقرير إلى أن واشنطن لا تزال مستاءة من تأمين سوريا ملاذا آمنا للقادة البعثيين السابقين في العراق، الذين يشتبه في أنهم يقودون التمرد في العراق، والسماح للجهاديين، من جميع أنحاء العالم، باستخدام سوريا كنقطة للعبور إلى العراق، إلا أن الأتراك يعتبرون أن جارهم المباشر أفضل من الولايات المتحدة، وان مصالحهم تملي عليهم وجود علاقات ودية مع السوريين، وان علمهم بالطبيعة القمعية للنظام السوري لا يعني الموافقة على ما يقوم به هذا النظام.
وينقل التقرير عن مسؤولين أتراك تأكيدهم أن علاقاتهم مع سوريا تقدم إلى واشنطن فرصة لمعرفة ما يحصل في الداخل، بالإضافة إلى تمرير رسائل وإشارات وتحذيرات إلى النظام السوري، معتبرين أن عزل سوريا سيزيد من الفوضى في المنطقة. ويشير التقرير إلى أن كيفية التعاطي مع الأكراد تقود العلاقات التركية السورية، حيث إن كلا من البلدين قلق من أن التطورات في مناطق الحكم الذاتي شمالي العراق ستلهم الأكراد في المناطق الأخرى بالسعي إلى الحصول على الشيء ذاته.
إيران
واعتبر التقرير أن سياسة أنقرة تجاه إيران مشابهة لسياستها باتجاه سوريا، موضحا انه برغم من أن المسؤولين الأتراك يشيرون إلى أن النظام الإيراني يعتبر مصدرا للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، فإنهم ينظرون إلى أن العلاقات الودية مع الإيرانيين تعني عدم تدخل طهران في شؤون أنقرة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن لتركيا اهتمامات اقتصادية ونفطية في إيران، حيث إن التجارة بين الدولتين فاقت ال4 مليارات دولار في نهاية العام ,2005 كما توجد اتفاقية تبيع بموجبها طهران حتى عام 2022 لأنقرة 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا، إلا أن تركيا تتخوف من أن تستخدم طهران موضوع الغاز للتهويل على تركيا، في الوقت الذي يدرس فيه الغرب وضع عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي.
واعتبر التقرير أن المنطق الذي يحكم العلاقات التركية السورية نفسه الذي يحكم علاقة تركيا بإيران: الرغبة المشتركة في إحباط <استقلال> الأكراد في شمالي العراق، حيث انه يوجد في إيران عدد كبير من الأكراد الذين قد يطالبون بحقوق سياسية إذا حصل الأكراد على <استقلالهم>.
ويشير التقرير إلى أن واشنطن، القلقة من تطور الملف النووي الإيراني، حاولت التأثير على سياسة أنقرة حيال طهران، عبر إعلان إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش عن إجراء تدريبات عسكرية مع أنقرة، تهدف إلى منع إيران من الحصول على تكنولوجيا ومواد يمكن أن تستخدمها في طموحاتها النووية، إلا انه إذا تصاعدت حدة الأزمة مع إيران، فإن كيفية إدارة العلاقات مع طهران تبقى موضوعا حساسا بين واشنطن وأنقرة.
حماس
وأشار التقرير إلى أن اجتماع مسؤولين أتراك مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في شباط ,2006 يمثل خطوة إضافية للسياسة الخارجية التركية، ويرفع من أهمية صورة تركيا في العالمين العربي والإسلامي.
واعتبر التقرير أن استعداد تركيا للتعامل مع حماس، التي تعتبرها واشنطن وأوروبا جماعة إرهابية، خطوة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث شددت تركيا، ردا على الاحتجاجات الاميركية والإسرائيلية، على أنها يمكن أن تقوم بدور الوسيط بين إسرائيل وحماس والمساهمة في عملية السلام بين الدولتين.
ويعتبر التقرير انه على الرغم من الخلاف الإسرائيلي التركي حول القضية الفلسطينية وتطوير السلاح التركي من قبل تل أبيب، إلا أن العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية متقدمة.
دمشق: تعميم في حزب البعث لتفعيل قيادته للدولة والمجتمع.....السفير

أصدرت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا مؤخرا، تعميما يؤكد ضرورة انخراط الحزب وتدخله في مناحي الحياة كافة، بعدما كان رهان قوى معارضة في الداخل والخارج على تحجيم هذا الدور.
وذكر مصدر ان التعميم <يطالب الجهات الحزبية بالتدخل في كل التعيينات في دوائر الدولة لتمر عبر المظلة الحزبية في تكريس للبند الثامن من الدستور، الذي يرى في الحزب قائدا للدولة والمجتمع>.
ومنذ المؤتمر القطري التاسع الذي عقد في حزيران العام 2000 عقب وفاة الرئيس حافظ الأسد مباشرة، كان التوجه نحو حصر دور الحزب في إطار الإشراف والرقابة ورسم السياسات بعيدا عن الحياة التنفيذية.
وفي الاعوام الاخيرة تصاعدت أصوات في الداخل تطالب <بتحجيم دور البعث> على نحو أكبر. وكان الرئيس بشار الأسد اجتمع مؤخرا بأعضاء القيادة القطرية في حزب <البعث>، حيث نوه بالدور الإيجابي للحزب في حياة الوطن <سواء عبر أدائه لمهامه في التخطيط والرقابة والإشراف أو في إشارته إلى مواقع الخلل>، داعيا إلى <المتابعة الميدانية لشؤون المواطنين وملامسة واقعهم المعيشي والاستماع إليهم ومعرفة معاناتهم وإيجاد الحلول الملائمة لها>.
ونقل مصدر مطلع عن الأسد خلال اجتماعه الأخير مع إعلاميين رسميين، أنه تطرق إلى <الأساليب المفترض أن تفعل دور الحزبيين ليكونوا قريبين من المواطنين وليتحملوا مسؤولياتهم عبر المساهمة في حل مشكلات المواطن>. وشدد الأسد على <ضرورة أن تكون الشخصية البعثية إيجابية الإسهام في الحياة العامة>.
وقال المصدر إن الأسد نفى <أي توجه في الوقت الراهن لتحجيم أو إلغاء دور الحزب في الحياة العامة>، مشيرا إلى أن <الجيش السوري جيش عقائدي والكل يعرف أهمية دوره في الحياة السياسية التي لم يكن يوما ما بعيدا عنها قبل ثورة آذار وبعدها>. وأضاف أن <هذا الجيش كان حاضرا دائما في قلب السياسة السورية وله رؤيته ورأيه ودوره ولا أحد يستطيع أن يلغي هذا الدور، كما أن المادة الثامنة من الدستور تعني الجيش كبقية القيادات البعثية في البلاد>.
وأضاف المصدر نقلا عن الأسد ان <قانونا للأحزاب سيصدر قريبا بعد ان يخضع للنقاش العام>، مضيفا أن <القيادة تفكر حاليا بالطريق الأمثل لطرحه على المواطنين>. وكان مصدر برلماني أكد هذا التوجه، مشيرا إلى أن القانون المنتظر <سيخضع لمعايير السياسة السورية، بمعنى أنه لن يسمح لأحزاب من صبغة عرقية أو طائفية الدخول في الجبهة الوطنية التقدمية>، الائتلاف الحاكم المكون من عشرة أحزاب.
وتعاني الجبهة من ضعف قاعدتها الجماهيرية إذ إنها منذ الإعلان عن تأسيسها، لا تمارس نشاطا على صعيد الشباب والجيش. لكن بعد تسلم بشار الأسد للسلطة في تموز العام ,2000 سمح لأحزاب الجبهة بالعمل في صفوف الشباب، كما سمح لها بإصدار صحفها الخاصة وفتح مكاتب لها في جميع المحافظات السورية.
ويعتقد <البعث> أن تجربة الجبهة إيجابية وينبغي البناء عليها لتطويرها وتوسيعها، الأمر الذي لا يتفق معه معارضون يرون في الجبهة <مجرد واجهة لتعددية من دون قاعدة شعبية ومن لون واحد>.