بمجرد أن يدور حديث أو حوار أو حتى جدل حول التحديث السياسي والمشاركة السياسية في المجتمعات العربية وخاصة الخليجية هذه الأيام، تجد من ينبري وسريعاً جداً إلى طرح السؤال التالي: وماذا عن المرأة؟

هل سيصدر بشأنها قرار خاص أم ستمنح حق المشاركة بطريقة الكوتا (المحاصصة) لضمان دخولها اللعبة السياسية؟ بعد هذا السؤال (القنبلة) تجد شهية المجتمعين (وأغلبهم من الرجال طبعاً) تنفتح للأخذ والرد والجدل، وينفتح المجال لكثير من الاقتراحات ووجهات النظر.

وأفكر ساعتها حين أكون حاضرة واحدة من هذه النقاشات لماذا تتحول المرأة فجأة إلى «كعب أخيل» أو إلى تلك العصا العجيبة التي يحشرها البعض في أي عجلة كي يعطل دوران الحياة؟، وكأن المرأة معطل للحياة أو عقدة لا مجال لحلها أو فك شيفرتها، ولماذا يصر البعض على تصوير المرأة وكأنها كائن غريب قادم من كوكب آخر؟!

ومع المرأة والتعاطي المتناقض والملتبس معها اجتماعياً وسياسياً، استوقفني أمران في الفترة السابقة الأمر الأول أن الضجة الكبرى التي أثيرت حول رواية الأميركي دان براون (شيفرة دافنشي) كانت تدور حول التشكيك في علاقة سيدنا عيسى بامرأة هي مريم المجدلية، التي يقول الإنجيل والكنيسة الكاثوليكية بأنها الخاطئة التي تابت على يديه.

بينما يقول مؤلف الرواية بأنها زوجته وأقرب الحواريين إليه، وبأنها يوم (صلب) المسيح كانت حاملاً منه، وهربت إلى أوروبا، وأنجبت ابنتها (سارة) التي مازال نسلها موجوداً حتى اليوم!!

ألا ترون أن العقدة في الحكاية هي المرأة أيضاً، المرأة التي اتهم المسيح بزواجه منها، والتي أثارت حفيظة الكنيسة والعالم، وألبت الشارع المسيحي، وألهبت نفوس المتدينين وأخرجت المظاهرات، ومنعت رواية من أن تباع في بلد حر كلبنان، وفيلما من أن يعرض في دول أخرى. لماذا؟

وفي السياق نفسه هاجت جماعات وقوى محافظة ومتدينة في المملكة السعودية ضد قصة قصيرة بسيطة جداً هي «بنات الرياض» لمؤلفتها رجاء الصانع، ما جعل الكل يبحث عن القصة وما جعل الناشر ينتفخ سروراً وفرحاً.

حيث طبع منها حتى الآن ست طبعات، وباع منها آلاف النسخ، وطبقت شهرتها (خليجياً وعربيا) الآفاق وفي زمن قصير، والحكاية كلها رسائل هاتف تتبادلها مجموعة من البنات في الرياض تحكي وقائع حياة طبقة معينة في المجتمع إذن المرأة مرة أخرى.

يعيش المجتمع كله وليس العربي فقط علاقة ملتبسة وغير صحيحة مع المرأة، ولا أنسى يوم وقفت أول وزيرة كويتية (السيدة معصومة المبارك) لأداء القسم في مجلس الأمة الكويتي كيف ضرب النواب الطاولات بأيديهم احتجاجاً على دخول المرأة معترك الحياة السياسية أما اليوم فالكل يتسابق عليها فقط لاحتياجهم لصوتها!!