نشرت «الدستور» الأسبوع الماضي في صدر صفحاتها الاقتصادية خبرا مطولا ولافتا عن اعتزام مجموعة شاهين للأعمال والاستثمار نقل مكاتبها الرئيسة إلى العاصمة البريطانية لندن ، والإبقاء على مكاتب فرعية لها بعمان "في توجه جديد لتوسيع قاعدة الاستثمارات المستقبلية من عاصمة غربية يرى مسؤولون في المجموعة أن تلك الخطوة ستزيد من نشاطاتها" حسبما جاء في الخبر ، الذي نقل أيضا عن خالد شاهين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة في قوله "إن هذه الخطوة تأتي استجابة لاحتياجات المجموعة بعد انتقالها للعالمية في عملياتها الاستثمارية ، مؤكدا أن نقل مقر المجموعة إلى العاصمة البريطانية لا يعني تقليص عملياتها في المملكة وإنما مواكبة تطورات المجموعة وتواجدها في الخارج".

خبر اقتصادي بمثل هذه الأهمية مر بسلام ، ودون أن يستوقف أحدا ، مع العلم أن المجموعة إياها ، ووفق ما جاء في خبر «الدستور» نفسه ، تعتزم إنشاء مشاريع بكلفة ثلاثة مليارات دولار في كل من اسبانيا وكوستاريكا والبحرين والمغرب ، سينتهي العمل بها وتكون جاهزة في غضون أربع سنوات".

كما أعلنت المجموعة في لندن مؤخرا عن إطلاق مشروع استثماري كبير باسم "سيرينيا" تبلغ كلفته نحو مليار ونصف المليار دولار ، ويقع على ساحل البحر الأحمر إلى الجنوب من الغردقة بنحو 25 كم في منطقة ما زالت بكرا يجري استصلاحها ، لإقامة مجمع سياحي ومدينة سكنية راقية ، تضم قصورا وفللا وشققا سكنية وفندقا هو الأول من نوعه في العالم من تصميم اللورد فوستر البريطاني الشهير ، الذي عبر عن إبداعه من استلهام هوية المكان ، وكل هذه مشروعات ضخمة كفيلة بتحريك عجلة اقتصاد صغير كاقتصاد الأردن ، إلا أن المجموعة تؤثر أن تستثمر مثل هذا المبلغ في بلاد أخرى ، غير الأردن ، وهذا حقها طبعا ، لكن اللافت في خبر «الدستور» ، تصريحات مدير الاتصال في المجموعة في عمان عاهد السخن ، الذي قال حول نشاطات المجموعة في المملكة: إن الشركة تحرص على إقامة مشاريع استثمارية عقارية كبرى في حال توفر الفرص المناسبة ، ما يعني أن "الفرص" غير مناسبة الآن ، لأسباب لا نعرفها ، وما إذا كانت متعلقة بالشركة أو بوضع الاستثمار في الأردن، مثل هذه الأخبار تسرنا كثيرا لجهة وجود شركات أردنية عملاقة تدخل إلى أسواق استثمارية غربية برؤوس أموال كبيرة وسمعة جيدة ، لكنها في الوقت ذاته تفتح شلالا من الأسئلة: تبدأ من البحث عن أسباب اعتزام "رحيل" المكاتب الرئيسية لشركة كهذه من عمان ، ولا تنتهي بأسباب عدم تنفيذ جزء من استثمارات المجموعة الضخمة آنفة الذكر في الأردن ، مع العلم أن للمجموعة نشاطات اجتماعية تخدم أبناء الأردن ، وتدل على صدق انتمائها لأهله ، لعل أهمها إنشاء مؤسسة شاهين للعلوم والثقافة ، والتي ستكون إحدى غاياتها الأساسية تقديم المنح للطلبة المتفوقين ممن تقصر إمكانياتهم المادية أو ظروفهم العائلية عن توفير فرص التعليم الجامعي لهم.
لا نريد أن نحمل هذا الخبر أكثر مما يحتمل ، لكنها هواجس وأفكار تمر بالخاطر ، فلعل ذلك الرحيل له علاقة بمشكلات تشجيع الاستثمار ، وقوانينه وأنظمته ، خاصة وأننا نبذل جهدا جبارا في إغراء رؤوس الأموال والشركات للإقامة في عمان ، ومن حقنا أن نتساءل عن مغزى رحيل المكاتب الرئيسية لشركة أردنية دولية إلى بلاد الغربة