«الشرق الأوسط»
تسوية وسط وراء الكواليس تتجنب كلمة «تعليق التخصيب» لحل الخلاف النووي

أكد وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي مجددا، أن طهران تريد مفاوضات مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي من دون أي شروط مسبقة.
يأتي ذلك فيما شددت ألمانيا على أن وقف التخصيب، شرط جوهري من أجل المحادثات المرتقبة والمقرر أن تشترك فيها أميركا لأول مرة. وقال متقي في مؤتمر صحافي عقده إثر لقاء مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن ايران «غير معزولة اطلاقا» على صعيد برنامجها النووي. وأشار في هذا الصدد الى «الدعم» الذي قدمته دول حركة عدم الانحياز في نهاية مايو (أيار) في ماليزيا والدول الـ57 الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي في باكو هذا الأسبوع. وكان متقي يرد على شتاينماير الذي وضعه امام خيارين «اما أن يستمر النزاع وتدخل ايران في العزلة، او نقتنص فرصة الحل الدبلوماسي». وطلب الوزير الالماني من نظيره بالحاح «اعلان النوايا الايرانية في اسرع وقت ممكن». وقال ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا، عرضت على ايران «مجموعة من الاجراءات الاساسية والواعدة»، مشيرا الى حسن نية الغربيين الراغبين في احترام «التوازن بين حق ايران الشرعي في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وبين قلق المجموعة الدولية».

وأضاف شتاينماير ان «تعليق تخصيب اليورانيوم، هو الذي سيخلق بيئة مؤاتية «للعودة الى طاولة المفاوضات، رافضا بذلك رغبة الوزير الايراني في استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة. وقال متوجها الى نظيره الايراني ان «الامر يتوقف عليكم» في نهاية الامر، مشيرا الى ان كل طرف «يجب ان يأخذ في الاعتبار، وجهة نظر الطرف الآخر».

ورحب متقي بعرض القوى الست «الذي تدرسه ايران حاليا باهتمام شديد»، مشيرا الى ان طهران ترى فيه «نقاطا ايجابية جدا، في موازاة بعض الجوانب غير الواضحة». وقال «سيكون لدينا بعض الأسئلة الإضافية لنطرحها. وفور انتهاء درسنا للعرض، سنطلع شركاءنا الأوروبيين على موقفنا»، مؤكدا أن لقاء سيعقد الاسبوع المقبل بين المفاوضين الايرانيين والممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا.

ولم يعط متقي اشارة بشأن متى سترد طهران بشكل رسمي على العرض. وقال «بمجرد أن نفحص العرض سنبلغ شركاءنا الأوروبيين بالنتيجة». لكن شتاينماير قال انه يريد اجابة «في اسرع وقت ممكن»، وان الأمر متروك لايران لتحل الأزمة. وقال «نحن في مرحلة حاسمة في جهودنا. اما ان يستمر الصراع الدولي الامر الذي يعني ان عملية عزل ايران ستستمر ايضا، او ان يتم العثور على فرصة من اجل تعاون جديد وشامل بين ايران والمجتمع الدولي». وأعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، ان ايران سترد على العرض الدولي بحلول 22 اغسطس (آب).

وأعلنت ايران الجمعة انها ترفض تعليق برنامجها كشرط مسبق لبدء مفاوضات مع الدول الكبرى، او نتيجة لهذا الحوار. وتنتظر الدول الست (المانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا)، ردا سريعا من ايران على العرض الذي قدمته لطهران في السادس من يونيو (حزيران). ولا يتضمن العرض تهديدا بفرض عقوبات، لكن الدول الغربية لم تخف ان رفض طهران سيفتح المجال لاتخاذ مثل هذه التدابير امام مجلس الأمن. وتبذل المانيا الى جانب بريطانيا وفرنسا، جهودا منذ اكثر من عامين لاقناع ايران بتعليق برنامجها النووي، وضاعفت ايضا اتصالاتها مع موسكو وواشنطن لتوحيد المواقف.

ولعبت برلين في الأشهر الأخيرة دورا محوريا في الجهود لتسوية الازمة مع طهران، مراهنة على علاقاتها الاقتصادية المهمة بهذا البلد. واللقاء بين الوزيرين الذي استغرق ساعتين، متجاوزا المدة المحددة له، عقد في في المقر السابق لضيوف الحكومة في حي دالم غرب العاصمة الالمانية، حيث انتشرت اعداد كبيرة من عناصر الشرطة. وحمل حوالي 30 معارضا من «مجاهدين خلق» يافطات كتب عليها »الارهابي الحقيقي، هو نظام الملالي في ايران».

وتحيط ظلال من الشك بإمكانية حدوث انفراج في الازمة الآن. فإيران تقول إنها لا تخصب اليورانيوم الا لتوليد الكهرباء وتستبعد فكرة وقف برنامجها النووي كنتيجة للمحادثات. من ناحية أخرى، تستبعد القوى الكبرى المتمثلة في الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الى جانب ألمانيا اجراء محادثات مع طهران ما لم توقف برنامجها اولا في اطار بناء الثقة.

لكن دبلوماسيا من فيينا مطلعا على الامور، قال إن وراء المواقف المعلنة تجرى مناقشات بمساعدة خبراء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن ما اذا كان هناك مجال لإبداء المرونة فيما يتعلق بتعريف مسألة «التعليق» بهدف بدء المحادثات. وقال الدبلوماسي «القضية برمتها.. هي التوصل لتعريف للتعليق يسمح للطرفين بأن يقولا بأنهما حصلا على ما يريدانه.. وإلا فإن هذا العرض لن يحقق شيئا». وقال دبلوماسي كبير من الاتحاد الاوروبي، طلب مثل الآخرين عدم نشر اسمه «تجري بعض المناقشات بشكل غير رسمي وتشارك فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدعوة لمناقشة عدد من هذه الأفكار». وذكر الدبلوماسي من فيينا ان من بين السيناريوهات المطروحة السماح لايران تحت رقابة مشددة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بتشغيل عدد محدود من اجهزة الطرد المركزي دون غاز سادس فلوريد الذي يضخ الى هذه الأجهزة لتخصيبه الى وقود نووي. وأضاف ان هذا العملية يمكن ان تسمى «توقفا بغرض صيانة»، أو «حالة استعداد» ويناقشها حاليا مجموعة من المحللين النووين الأميركيين.