معاريف

تسبيكا فوغل
(عميد احتياط/ شغل سابقاً منصب رئيس أركان المنطقة الجنوبية)

عشرة أشهر انقضت على إغلاق البوابات المؤدية إلى قطاع غزة. عشرة أشهر تأقلمنا فيها مع روتين جديد وغير ممكن بحيث إنه أدى إلى العملية ضد موضع الجيش الإسرائيلي قرب كيبوتس "كيرم هشالوم". فخطة فك الارتباط التي نُفذت انطلاقا من مبادرة إسرائيلية وبقصد "بلورة واقع جديد"، قطعت فترة من سياسة الرد لكن من دون أن تُستغل لبلورة سياسة مبادرة تهدف إلى الحفاظ على أمن سكان إسرائيل وسيادتها. وخلال الأشهر العشرة التي انقضت، تحولت صواريخ القسام إلى روتين لا يُحتمل. فمحاولات التسلل من قطاع غزة التي تحطمت على الجدار عززت فينا الشعور بأننا محميون، والمبادرة التي تجلت في تنفيذ فك الارتباط منحت غطاء لحالة الدفاع واللامبالاة.
ربما يكون من الصحيح الزعم والقول "قلنا لكم"، لكن سيكون من الأكثر حكمة فحص المتوقع والتخطيط للمبادرات القادمة. فإذا ما تركنا المبادرة في يد قيادة الارهاب وناشطيه، سندفع ثمنا أغلى وليس حول قطاع غزة فقط.
هذا الصباح أُبرزت بشكل حاسم وقاطع الحافزية الفلسطينية للمس بنا ولتقويض سيادة دولة إسرائيل. فمحاولة التسلل إلى أراضي دولة إسرائيل، التي مُنعت بثمن باهظ من أرواح جنودنا، تُعبر عن تصميم وعزم منظمات الإرهاب بدعم من السكان الفلسطينيين، كما تُعبر بشكل أكبر عن حقيقة أننا نعيش وفق أنماط سلوك مختلفة. لقد توقعنا أن يتيح فك الارتباط للفلسطينيين إدارة حياتهم من دون عرقلة وتدخل، وافترضنا أنهم سيلقون سيوفهم وسينشغلون في تطوير الدفيئات التي تركناها لهم. يا للسذاجة.
إن هذه العملية تفرض علينا فحص السياسة وقواعد استخدام القوة منذ الآن فصاعداً. وثمة أسئلة كثيرة مطروحة أمامنا، ومن المناسب تقديم أجوبة واقعية عليها. وعليه يجب أن يتغير ميلنا الطبيعي للبحث عن حلول خلاقة أو مميزة.
التفاهمات التي يتعين التصرف على أساسها هي ـ لن يسود السلام هنا في جيلنا الحالي، سنكتفي بجيرة حسنة؛ لن تقوم دولة فلسطينية ـ وسنضطر إلى التسليم بوجود كانتونين؛ لن ننجح في وقف الارهاب إلا بواسطة ممارسة الضغط على السكان وبالتعاون مع الاردن ومصر. أما فتح البوابات أمام العمال، وبناء المرفأ البحري ومطار، كل هذه الأمور ستُتاح مع بدء التهدئة.
إن "بلورة الواقع" لم يكن مبادرة لمرة واحدة، وعلينا مواصلة هذه السياسة إلى جانب استخدام القوة. فإطلاق صواريخ القسام مجددا يجب أن يُفضي إلى "مدن أشباح"؛ وفي حال لم يتم إعادة الجندي الأسير يجب ضرب كل المسؤولين وتدمير رفح وخان يونس، إلى أن نجده ونعيده إلى البيت بقوانا الذاتية. فنحن أمة أخلاقية وإنسانية لا مثيل لها، لكن ممنوع أن تحل الأخلاق مكان الواجب في الدفاع في وجه من يأتي ليقتلنا.