العام 1962 افتتح في بلدة روجرز من ولاية اركنساو (كلنتون) اول مخزن من مخازن «وول مارت». كان صاحبه تاجر مفرق يدعى سام والتون. ومن تجارة المفرق تعلم والتون شيئاً واحداً: بع 3 اشياء واربح 20 سنتاً، ولا تبع شيئاً لتربح 20 سنتاً. كلما خفضت اسعارك تدافعت الناس. كانت القاعدة بسيطة وصعبة معاً. عملٌ اكثر وارباحٌ اكثر. واسعارٌ اقل. مع حلول 1970 اصبح للشركة 32 مخزناً و31 مليون دولار مبيعات. ثم تطورت الاشياء كما يلي: 1972، 51 مخزناً و78 مليونا. 1974، 78 مخزناً و168 مليوناً. 1976، 125 مخزناً و340 مليوناً. ومع 1980 كان هناك 276 فرعاً و1.2 مليار، العام 1992 توفي المؤسس سام والتون لكن الشركة استمرت في التوسع. وتبلغ حصة العائلة، والتون، وحدها من اسهم الشركة الآن 102 مليار دولار، او حوالي 91.500 دولار في الدقيقة. وبكل بساطة «وول مارت» هي الآن اكبر شركة في العالم وبلغت مبيعاتها هذا العام 315 مليار دولار، وهي اكبر موظّف في ثلثي الولايات الاميركية. غير انها متهمة امام المحاكم بدفع اجور قليلة ومكافآت زهيدة لـ 1.2 مليون موظفة.

الشركة متهمة ايضاً بأنها استطاعت ان تحقق كل تلك الارباح وان تبيع بأسعار زهيدة، لأنها تدفع اجوراً زهيدة لعمالها. لكن الشركة تقول انها تدفع للعمال 8 دولارات في الساعة وهو ضعف الحد الادنى. هذا في اميركا. اما في بنغلادش مثلاً فهي تدفع بين 13 و17 سنتاً في الساعة لحوالي 189.000 خياطة. ويعتقد ان الشركة تعامل عمالها في الصين بالطريقة نفسها. وهي تستورد من هناك ما قيمته 18 مليار دولار في العام.

إذن، العامل يخسر الكثير والمستهلك يوفر الكثير. ويقدّر مؤلف كتاب حديث عن الشركة ان الشارين وفروا العام الماضي نحو 30 مليار دولار. ويقدر الخبراء ان المواد الغذائية والجافة ارخص عند «وول مارت» بحوالى 27% من اي مخزن آخر. وثمة دراسات تقول ان الفقراء هم في الغالب المستفيدون من رخص الاسعار، واخرى تقول ان في ذلك ظلماً شديداً للعمال، وخصوصاً النساء منهن. منذ اكثر من اربع سنوات وانا اتابع الجدل العالمي الذي يدور حول «وول مارت» خصوصاً في «الموند دبلوماتيك» التي تدافع بشدة عن مظالم العمال. وقد غرمت الشركة 50 مليون دولار لمخالفتها قانون العمل في كولورادو و11 مليونا بسبب استخدام عمال غير شرعيين و80 مليونا في تكساس لمخالفتها قانون السلامة. ولم يعد يفتح فرع جديد للشركة إلا وتقوم ضده التظاهرات. وفي احدى مدن كاليفورنيا اشترت البلدية الارض التي سيقام عليها الفرع، لكي تمنع نشوءه. واتسعت دائرة مقاطعة الفروع في كل مكان. لكن في الوقت نفسه تتسع ثروات الشركة الاسطورية التي بدأها سام والتون عندما اكتشف ان الناس سوف تتخلى عن كل شيء من اجل توفير 10 سنتات. وذات مرة اقترحت على شقيقي الذي يستقبل الآلاف كل اسبوع في مطعمه ولا يربح الكثير، ان يرفع سعر بعض الوجبات 25 سنتاً على الاكثر، فقال لي انه سيخسر نصف زبائنه على الفور. وسوف يربحهم سام والتون في المطعم المجاور.