نضال الخضري

عندما يلفني اليوم أتجرد من تراثي على طريقتي الخاصة ... وفق الشكل الهلامي الذي فرضني على المجتمع "ناقصة عقل ودين" ... فأنا لا أملك حق الصراخ عندما أرى أن الفظائع تبقى فظائع حتى عندما تنطلق تجاه رجل ظلمني ... ما الذي يدفعني لحرق اللون الأصفر داخلي؟!! مشهدية تتكرر ولكنني أُمنع من الانفعال والغضب... تكرار لرجال تيمورلنك بزي مبرقش قادرون على النظر إلى الرجال كـ"سبايا" ... أما نحن كإناث منسيين في تاريخ الشرق فلا حاجة لأي استباحة لنا مادمنا اعتدنا أشكال الكبائر.

كل التراث يقتلني وأنا في باحة الجامع الأموي الذي لم يعد كبيرا بعد أن ضاقت دمشق، وامتدت ذراعي لأستنجد بالقادم... تاريخ غائب فيه كل صرخات الآخرين بوجه الظلم القابع في داخلني ... وربما في داخلي.

وسط الجامع الأموي استحضر طقوس العبادة .. حركات الأجساد الدائمة وكانها في حالة وجد جماعي بعد ان طار المستقبل منها ولم تعد تتذكر من الماضي إلى تهويمات مجنونة... أما الجامع الأموي في حاضر في داخلي دون تراث أو تاريخ ..دون أن يصبح رمزا لأنني في النهاية أحاول تكسير الرموز التي جعلتني على شاكلة واحدة فاستباحني الجميع بدء من أولمرت وبوش وبن لادن انتهاء إلى كل النظرات الشبقة التي لا تعرف أنها محاصر بفضيلة غير مرئية.

عندما لا نستطيع قراءة الحدث السياسي بوضوح، فربما يقودنا الجامع الأموي إلى رؤية للغد .. ليس لأنها خلاصات وعبر تاريخية بل لأنه يغطي الإناث بالسواد ويدفع كل الرؤوس إلى الدهشة من فسحة تخرج بعد تداخل الأبنية ... أما دهشتي فهي أسيرة ما أراه أمامي من استحضار الموت ولكنني أعجز عن الصراخ كما عجز المجتمع عن خلق مسرح جديد لمشهدية المستقبل.