في اليوم الذي اغتيل فيه جون كنيدي استدعى شقيقه، روبرت، مدير السي. آي إيه، جون مكون، وطرح عليه سؤالا مباشرا: هل لوكالة الاستخبارات علاقة بمقتل الرئيس؟ السؤال كان مفاجئا والجواب كان متوقعا: لا. ثم لا.

وبعد ذلك ذهبت أفكار روبرت كنيدي، وهو أيضا وزير العدل، في اتجاهات كثيرة: أن يكون مدبر الاغتيال فيدل كاسترو، الذي تآمر جون كنيدي لقتله. أن يكون معارضي كاسترو الذين خذلتهم إدارة كنيدي في الإطاحة بالرئيس الكوبي. أن تكون المافيا الأميركية التي حاول جون كنيدي وشقيقه روبرت محاربتها.

حتى هذه اللحظة لا تزال تظهر نظريات جديدة حول اغتيال أول رئيس كاثوليكي في تاريخ أميركا: منظمة بروتستانتية سرية. الجيش الجمهوري الايرلندي لأنه، كمتحدر ايرلندي، لم يقدم المساعدة الكافية. الاتحاد السوفياتي!

وبعد مقتل الرئيس خرج روبرت كنيدي يطلب الرئاسة بشعارات أكثر عنفا وتطرفا: محاربة المافيا حتى الاجتثاث. إلغاء جميع أشكال التمييز العنصري. تجنيد البلاد ضد الرأسمال الأبيض المسيطر في سبيل فقراء السود. وتحول المرشح روبرت كنيدي إلى سيل يجرف خلفه ملايين المؤيدين. وفي احد المهرجانات مزق الهاتفون قميصه. وفي مرة أخرى خلعوا حذاءه. ولم يتوقف عن الإبحار بين الجماهير برغم كل التحذيرات الأمنية. وقيل في الصحف انه مرشح ميت، وحي يحمل نفسه على كتفيه، وهدف سهل يسير على قدمين. ولم يأبه لكل ذلك. ولا التفت إلى ما يقال عن اللعنة التي تلاحق العائلة. وقال إن الجماهير لا تقتل أحدا. وان الذي قتل جون كنيدي لم يكن الجماهير التي يمد يديه إليها. وإنما مجرم محترف اختبأ في مبنى بعيد ومعه بندقية لها منظار مكبر. وحتى عندما كانت الشرطة تبلغه بالتحذيرات الجدية التي تلقتها، لم يعر الأمر اهتماما. الجماهير لا تقتل.

ذات يوم وقف في ممر فندق الامباسادور في كاليفورنيا ومعه عمال المطبخ يريد الدخول إلى القاعة الكبرى. لكن الجماهير سدت أمامه الطريق المباشرة إلى القاعة. وهكذا امسك به احد موظفي الفندق ودفعه عبر طريق تمر بالمطبخ. وهناك كان قاتله سرحان سرحان ينتظر ومعه مسدسه والرصاصات التي اشتراها ذلك الصباح. إنها فرصة لن تتكرر. لم تقتل الجماهير بوب كنيدي لكنها دفعته إلى طريق الموت. ووضعته أمام قاتله.